للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكر عن سهل أنه كان يأمر بالمعروف، واجتمع إليه عامة أهل بغداد، وكان كل من أجابه يثني على بابه برجا بجص وآجر، وينصب عليه السلاح والمصحف، حتى بلغوا قرب باب الشّام، وكان سهل يذكر الولاة بأقبح أعمالهم ويقول: الفساق. فقاتله أصحاب إبراهيم بْن المهدي، وخذله العوام حتى أخذ، فأتى به إسحاق بن الهادي فقال لَهُ:

حرضت علينا الناس وعبت أمرنا. فَقَالَ: إنما كنت أدعو إلى العمل بالكتاب والسنة.

فقالوا [١] له: اخرج فقل إنما الّذي كنت أدعو إليه باطل: فخرج فَقَالَ: إن الذي كنت أدعو إليه من الكتاب والسنة أنا أدعو إليه اليوم. فوجئ عنقه وضربوه وقيد وحبس وخفي أمره [٢] .

وفي هذه السنة [٣] : شخص المأمون من مرو يريد العراق.

وكان سبب ذلك: أنه أخبر بالقتال والفتن منذ قتل الأمين، وأن أهل بيته قد غضبوا لمبايعة علي بن موسى وأنهم قد بايعوا لإبراهيم بن المهدي، وكان الفضل بن سهل يكتمه هذه الأحوال، فلما أخبر بها وبان [٤] أن هرثمة إنما جاء لنصحه، وأنه إن لم يتدارك الأمر خرجت الخلافة من يده، وأن طاهر بن الحسين لما وطأ له الخلافة أخرج من الأمر وصير في زاوية في الرقة، وأنه لو كان ببغداد لم يجترئ أحد على ما اجترأ عليه، وإنك لو خرجت عاد إليك بنو هاشم كلهم وأطاعوا، ولم يخبروا بهذا حتى [٥] أخذوا خطة بالأمان من الفضل بن سهل، لأنه كان لا يظهره على شيء من هذا/ فلما تحقق الأمر عنده، وأمر بالرحيل إلى بغداد، علم الفضل بن سهل ببعض أمورهم، فتعنتهم [٦] فضرب بعضهم بالسياط، وحبس بعضهم، ثم ارتحل من مرو، فلما دخل سرخس دخل أربعة نفر على الفضل بن سهل [٧] وهو في الحمام، فقتلوه وهربوا، فطلبهم المأمون


[١] في ت: «إنما كنت أدعو إليه باطل، أخرج ... » .
[٢] انظر: تاريخ الطبري. / ٥٦٢- ٥٦٣.
[٣] في ت: «وفيها» .
[٤] في ت: «ربان» .
[٥] «ولم يخبروا حين أخذوا» .
[٦] في ت: «فبتعهم» .
[٧] «بن سهل» ساقطة من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>