للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ: من أنتن؟ وأين تردن في هذا الوقت؟ فأعطاه إبراهيم خاتم ياقوت له قدر عظيم ليخليهن ولا يسألهن [١] فلما نظر إلى الخاتم استراب بهن وقَالَ: هذا خاتم رجل له [٢] شأن، فرفعهن إلى صاحب المسلحة، فأمر بهن أن يسفرن، فامتنع إبراهيم فجبذه [٣] صاحب المسلحة فبدت لحيته، فرفعه إلى صاحب الجسر فعرفه، فذهب به إلى باب المأمون، فاحتفظ به في الدار، فلما كانت غداة الأحد أقعد في دار المأمون لينظر إليه بنو هاشم والقواد والجند، وصيروا المقنعة التي كان متنقبا [٤] بها في عنقه، والملحفة في صدره ليراه الناس، ويعلموا كيف أخذ.

فلما كان يوم الخميس حوله المأمون إلى منزل أحمد بن أبي خالد، فحبسه عنده/، ثم أخرجه المأمون حيث خرج إلى الحسن بن سهل بواسط، فذكر أن الحسن كلمه فيه، فرضي عنه وخلى سبيله، وصيره عند أحمد بن أبي خَالِد، وصير معه يحيى بن معاذ وخالد [٥] بن يزيد بن مرثد، يحفظانه إلا أنه موسع عليه، عنده أمه وعياله، ويركب إلى دار المأمون، وهؤلاء معه يحفظونه [٦] .

ولما دخل على المأمون قال له: هيه يا إبراهيم. فقال: يا أمير المؤمنين، ولي الثأر محكم في القصاص، والعفو أقرب للتقوى، ومن تناوله الاغترار بما مد له من أسباب الشقاء أمكن [٧] عادية الدهر من نفسه، وقد جعلك الله فوق كل ذي ذنب [٨] ، كما جعل كل ذي ذنب دونك، فإن تعاقب فبحقك، وإن تعف فبفضلك فقال: بل أعفو.

فكبر ثم خر ساجدا [٩] .

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت، أخبرنا


[١] في ت، الأصل: «ليخليهم ولا ليسألهم» والتصحيح من تاريخ بغداد.
[٢] «فلما نظر....» إلى «هذا خاتم رجل له» ساقطة من ت.
[٣] في الأصل، ت: «فحدثه» .
[٤] في ت: «مقنعا» .
[٥] في الأصل: «يحيى بن خالد» .
[٦] انظر: تاريخ الطبري ٨/ ٦٠٣.
[٧] في ت: «أسباب الرجاء أمن»
[٨] في ت: «كل ذي عفو» .
[٩] انظر: تاريخ الطبري ٨/ ٦٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>