للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد بن عبد الواحد، حدثنا محمد بن العباس الخزاز، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى المكي، حدثنا محمد بن القاسم بن خلاد قَالَ: لما طال على إبراهيم الاختفاء وضجر، كتب إلى المأمون: ولي الثأر محكم في القصاص والعفو أقرب للتقوى، ومن تناوله الاغترار بما مد له من أسباب الرجاء أمكن عادية الدهر على نفسه، وقد جعل الله أمير المؤمنين فوق كل ذي عفو، كما جعل كل ذي ذنب دونه، فإن عفى فبفضله، وإن عاقب فبحقه، فوقع المأمون في قصته أمانه، وقال: القدرة تذهب الحفيظة، وكفى بالندم/ إنابة [١] ، وعفو الله أوسع من كل شيء. ولما دخل إبراهيم على المأمون قَالَ:

إن أكن مذنبا فحظي ... أخطأت فدع عنك كثرة التأنيب

قل كما قال يوسف لبني يعقوب ... لما أتوه: لا تثريب

فَقَالَ: لا تثريب [٢] .

وفي رواية: دخل عليه فأنشده:

ديني إليك عظيم ... وأنت أعظم منه

فخذ بحقك وإلا ... فاصفح بحلمك عنه

إن لم أكن في فعالي ... من الكرام فكنه

ثم قَالَ:

أذنبت ذنبا عظيما ... وأنت للعفو أهل

فإن عفوت فمن ... وإن جزيت فعدل

فرق له المأمون، وأقبل على أخيه أبي إسحاق وابنه العباس والقواد، فقال: ما ترون في أمره؟ فقال بعضهم: نضرب عنقه، وقال بعضهم: نقصص لحمه إلى أن يتلف، وقال آخر: نقطع أطرافه، فَقَالَ المأمون لأحمد بن أبي خالد: ما تقول يا أَحْمَد؟

قال: يا أمير المؤمنين إن قتلته وجدت مثلك قد قتل مثله كثيرا [٣] ، وإن عفوت عنه لم


[١] في ت: «فربه» .
[٢] «فقال: لا تثريب» ساقطة من ت. انظر الخبر في: تاريخ بغداد ٦/ ١٤٤- ١٤٥.
[٣] «كثيرا» ساقطة من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>