للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُ لو اجتمع الإنس والجن عَلَى أَن يميزوا بعضه من بَعْض لَمْ يقدروا عَلَى ذَلِكَ، ولو هبت الريح لأذرته.

ونظرت إِلَى الحجر الَّذِي قذف بِهِ يربو ويعظم وينتشر حَتَّى ملأ الأرضين كلها فصرت لا ترى [إلا] [١] السماء والحجر.

قال له نصر: صدقت هذه الرؤيا الَّتِي رأيت، فَمَا تأويلها. قَالَ: أما الصنم فأمم مختلفة فِي أول الزمان وَفِي أوسطه وَفِي آخره.

وَأَمَّا الذهب فهذا الزمان وَهَذِهِ الأمة الَّتِي أَنْتَ فِيهَا وأنت ملكها. وَأَمَّا الفضة ابنك من بعدك يملكها، وَأَمَّا النحاس فَإِنَّهُ الروم، وَأَمَّا الحديد ففارس.

وَأَمَّا الفخار فأمتان تملكهما امرأتان إحداهما فِي مشرق اليمن، والأخرى فِي غربي الشام.

وَأَمَّا الحجر الَّذِي/ قذف بِهِ الصنم؟ حذف اللَّه بِهِ هذه الأمم فِي آخر الزمان، فيظهر عليها حتى يبعث نبي أمي من العرب فيدوخ بِهِ الأمم والأديان كَمَا رأيت الحجر دوخ أصناف الصنم، ويظهره عَلَى الأديان والأمم كَمَا رأيت الحجر ظهر عَلَى الأَرْض وانتشر فِيهَا حَتَّى ملأها فيحق اللَّه بِهِ الحق ويزهق بِهِ الباطل، ويعز بِهِ الأذلة، وينصر بِهِ المستضعفين.

فَقَالَ له نصر: مَا أعلم أحدا استفتيت بِهِ منذ وليت الْمَلِك عَلَى شَيْء غلبني غيرك، ولا لأحد عندي يد أَعْظَم من يدك، وأنا أجازيك بإحسانك، فاختر من ثَلاث خلال أعرضهن عليك: إِن أحببت أَن أردك إِلَى بلادك، وأعمر لَكَ كُل شَيْء خربته، وإن أحببت كتبت لَكَ أمانا تأمن بِهِ حيث مَا ملكت، وإن أحببت أَن تقيم معي فأواسيك.

قَالَ دانيال: أما قولك تردني إِلَى بلادي وتعمر لي مَا خربت، فإنها أرض كتب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهَا الخراب وعلى أهلها الفناء إِلَى أجل معلوم، فليس تقدر عَلِي أَن تعمر مَا خرب اللَّه ولا ترد أجلا أجله اللَّه حَتَّى يبلغ الكتاب أجله وينقضي هذا البلاء الّذي كتب الله على إيليا وأهلها.

وَأَمَّا قولك أَن تكتب لي أمانا آمن بِهِ حيث مَا توجهت، فَإِنَّهُ لا ينبغي لي أَن أطلب مَعَ أمان اللَّه أمان مخلوق.


[١] في الأصل: «إلى» .

<<  <  ج: ص:  >  >>