للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قتل والى مصر في أيام المهتدي، فصار مستبدا بنفسه في أيام المعتمد، وركب يوما إلى الصيد فلما طعن في البرية غاضت [١] يد دابة بعض أصحابه في وسط الرمل، فكشف المكان فرآى مطلبا واسعا، فأمر أن يعمل فيه، فوجد فيه من المال ما قيمته ألف ألف دينار، فأنفق معظم ذلك في البر والصدقة وبناء الجامع [٢] ، وَقَالَ له وكيله يوما: ربما امتدت/ إلى الكف المطوقة، والمعصم فيه السوار، والكف [٣] الناعم، أفامنع هذه الطبقة [٤] ؟ فقال له: ويحك، هؤلاء المستورون الذين يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف، احذر أن ترديدا أمتدت إليك.

وحسن له بعض التجار التجارة، فدفع إليه خمسين ألف دينار، فرآى فيما يرى النائم كأنه يمشمش عظما، فدعى المعبر فقص عليه ما رأى، فقال: قد سمت عمة الأمير إلى مكسب لا يشبه خطره. فاستدعى صاحب صدقاته، وَقَالَ له: امض إلى التاجر، وخذ [منه] [٥] الخمسين ألف دينار، وتصدق بها.

ولما اشتد مرضه في علة الموت فخرج المسلمون بالمصاحف، واليهود بالتوراة، والنصارى بالأناجيل، والمعلمون بالصبيان، وكثر الدعاء في الصحراء والمساجد، فلما أحسن بالموت رفع يده وَقَالَ: يا رب، ارحم من جهل مقدار نفسه وابطره حكمك عنه [٦] . ثم تشهد وقضى في ذي القعدة من هذه السنة، وقيل: في التي قبلها.

وكان عمره خمسين سنة، وخلف ثلاثة وثلاثين ولدا منهم سبعة عشر ذكرا، وترك عشرة آلاف ألف دينار، وكان له من المماليك سبعة آلاف، ومن الخيل على مربطه سبعة آلاف فرس، ومن الجمال والبغال ستة آلاف رأس، ومن المراكب [٧] الخاصة ثلاثمائة، ومن المراكب الحربية مائة مركب، ومن الغلمان أربعة وعشرون ألفا، وكان خراج مصر


[١] في الأصل: «جاست» .
[٢] في الأصل: «في البر والصدقات وبنى الجامع» .
[٣] في ك: «والكم الناعم» وكذا في ت.
[٤] في الأصل: «الوظيفة» وكذا في ت.
[٥] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[٦] في الأصل: «حلمك» .
[٧] في الأصل: «الدواب» .

<<  <  ج: ص:  >  >>