للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا خفيف، أفيك خير؟ قلت: لا يا مولاي! فقال: ولا حتى تمسك فرسي وأنزل أنا إلى الأسد؟ فقلت: بلى! فنزل وأعطاني فرسه، وشد أطراف ثيابه في منطقته، واستل سيفه، ورمى القراب إلى فأخذته، وأقبل يمشي إلى الأسد، فطلبه الأسد، فحين قرب منه وثب الأسد عليه، فتلقاه المعتضد بضربة، فإذا يده قد طارت فتشاغل الأسد بالضربة، فثناه بأخرى، ففلق هامته فخر صريعا، ودنا منه وقد تلف، فمسح السيف في صوفة ورجع إلى، وغمد السيف، وركب، ثم عدنا إلى/ العسكر وصحبته إلى [١] أن مات ما سمعته يحدث بحديث الأسد، ولا علمت أنه لفظ فيه بلفظة، فلم أدر من أي شيء أعجب من شجاعته وشدته! أم قلة احتفاله بما صنع حتى كتمه! أو من عفوه عني، فما عاتبني على ضني بنفسي.

قال المحسن: وحدثني أبو الحسين [٢] مُحَمَّد بن عبد الواحد الهاشمي قَالَ:

حدثني القاضي أبو علي الحسن بن إسماعيل بن إسحاق- وكان ينادم المعتضد باللَّه- قَالَ: بينا المعتضد في مجلس سرور، إذ دخل بدر فقال: يا مولاي، قد أحضرنا القطان الذي من بركة زلزل، فنهض من مجلسه ولبس قباء، وأخذ بيده حربة، وقعد في مجلس قريب منا، وقد مدت بيننا وبينه ستارة، نشاهد من ورائها، فأدخل عليه شيخ ضعيف، فقال له بصوت شديد [٣] ووجه مقطب ونظر مغضب: أنت القطان الذي قلت أمس ما قلت [٤] ؟ فأغمي عليه لما تداخله من الخوف والروع [٥] ونحي [عنه] [٦] ساعة حتى سكن، ثم أعيد إلى حضرته، فقال له: ويلك، تقول في سوقك ليس للمسلمين من ينظر في أمورهم فأين أَنَا [٧] وما شغلي غير ذلك. قَالَ: يا أمير المؤمنين! أنا رجل عامي،


[١] في ك: «فإلى» .
[٢] في الأصل: «أبو الحسن» .
[٣] في الأصل: «بصوت عال» .
[٤] «ما قلت» ساقطة من ك.
[٥] «والروع» ساقطة من ك.
[٦] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[٧] «فأين أنا» ساقطة من ك.

<<  <  ج: ص:  >  >>