للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يولد لهم في نفوسهم [١] امتعاضا للدين أو السياسة، يخرجون فيه إلى إثارة الفتن، وإفساد النظام، وليس شيء أبلغ في [هذا من] [٢] قطع هذه الأسباب، وحسم موادها من إزالة دواعيها وموجباتها، وقد طارت روح هذا القطان بما شاهد وسمعه، وسيحدث به، ويزيد فيه، ويعظم الأمر ويفخمه، وسمع ما تقدمنا به في أمر المحتسب، وما نحن عليه من مراعاة الكبير والصغير، وينشر بين العامة بما يكف ألسنتها، ويقيم الهيبة في نفوسها، وليكون ما تكلفت من هذا [التعب] [٣] القليل قد كفاني التعب الكثير، فأقبلنا ندعو له.

قال المحسن: وحدثنا القاضي أبو الحسن مُحَمَّد بن عبد الواحد الهاشمي أن شيخا/ من التجار كان له على أحد القواد في أيام المعتضد باللَّه مال، قَالَ التاجر:

فماطلني به وسلك معي سبيل الألطاط [٤] فيه، وكان يحجبني إذا حضرت بابه، ويضع غلمانه على الاستخفاف بي، والاستطالة على إذا رمت لقاءه وخطابه، وتظلمت إلى عبيد الله بن سليمان منه، فما نفعني ذلك، وعملت على الظلامة إلى المعتضد باللَّه، وبينا أنا مرو في أمري قَالَ لي بعض أصدقائي: على أن آخذ لك مَالِك [٥] من غير حاجة إلى ظلامة، فاستبعدت هذا وقمت معه، فجئنا إلى خياط شيخ في سوق الثلاثاء يقرئ القرآن في مسجد هناك، ويخيط بأجرة فقص عليه قصتي، وشرح له صورتي [٦] ، وسأله أن يقصد القائد ويخاطبه في الخروج إلى من حقي، وكانت دار القائد قريبة من مسجد الخياط، فنهض معنا ومشينا فخفت [٧] بادرة القائد وسطوته، وتصورت أن قول الخياط لا ينفع مع مثله مع محله وبسطته [٨] ، وقلت لصديقي: قد عرضنا هذا


[١] في الأصل: «في القلوب» .
[٢] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[٣] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[٤] الإلطاط: الجحد.
[٥] في ك: «آخذ لك المال» .
[٦] في الأصل: «حاجتي» .
[٧] في الأصل: «فنهض معنا فلما مشى» .
[٨] في الأصل: «وسطوته» .

<<  <  ج: ص:  >  >>