للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ ونفوسنا لمكروه عظيم، وما هو إلا أن يراه غلمانه، وقد أوقعوا به، وإذا كان لا يقبل قول [١] الوزير عبيد الله بن سليمان فبالأولى أن لا يقبل منه ولا يفكر فيه، فضحك وَقَالَ: لا عليك! وجئنا إلى باب القائد، فحين رأى غلمانه الخياط تلقوه وأعظموه، وأهووا ليقبلوا يده فمنعهم مَنْهَا [٢] وقالوا: ما جاء بك أيها الشيخ؟ فإن قاعدنا راكب، فإن كان لك أمر نقوم [٣] بذكره له، وتنتجزه إياه فعلنا، وإن أردت [٤] الجلوس والانتظار فالدار بين يديك! فلما سمعت ذلك قويت نفسي، ودخلنا وجلست، ورآني القائد، فلما رآه أكرمه إكراما شديدا وَقَالَ له: لست أنزع ثيابي حتى تأمر بأمرك، فخاطبه في شأني، فقال: والله ما معي إلا خمسة آلاف درهم، فتسأله أن يأخذها ويأخذ/ رهونا من مراكبي الذهب والفضة بقيمة ما يبقى من ماله لأعطيه إياه بعد شهر، فبادرت أنا إلى إجابته وأحضرت الدراهم والمراكب بقيمة الباقي، فقبضتها وأشهدت الخياط وصديقي عليه بأن الرهن عندي إلى مدة شهر، فإن جاز كنت وكيله في بيعه، وآخذ مالي من ثمنه، وخرجنا فلما بلغنا مسجد الخياط ودخلنا طرحت الدراهم بين يديه وقلت [له] [٥] : قد رد الله مالي بك وعلى يديك، فخذ ما تريد منه على طيب قلب مني! فقال: يا هذا، ما اسرع ما قابلتني بالقبيح على الجميل، انصرف بمالك بارك الله لك فيه. قلت: قد بقيت لي حاجة، قَالَ: قل! قلت: أحب أن تخبرني عن سبب طاعة هذا القائد لك مع إقلاله الفكر بأكابر الدولة. فقال: قد بلغت غرضك، فلا تقطعني عن شغلي بحديث لا فائدة [لك] [٦] فيه. فألححت عليه.

فقال: أنا رجل أقرئ [وأؤم بالناس] [٧] في هذا المسجد منذ أربعين سنة، لا أعرف كسبا إلا من الخياطة، وكنت صليت المغرب منذ مدة، وخرجت أريد منزلي،


[١] في ك: «لا يقبل من الوزير» .
[٢] «منها» ساقطة من ك.
[٣] من ك: «أمر تقدم» .
[٤] في ك: «وإن كان الجلوس» .
[٥] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[٦] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[٧] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>