للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ هَذَا الْخَلِيفَةِ، وَلا أَقَلَّ دِينًا مِنْهُ، لأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلا كَثَرٍ» ، وَالْكَثَرُ: الجمار، فما رضي أن يقطع في هذا حتى قتل، والله ما قتلت الأسود بسبب هذا! ولكن لي معه خبر طريف، أستأمن هذا من عسكر/ الزنج إلى أبي الموفق، فخلع عليه ووصله، فرأيته يوما وقد نازع رجلا في شيء، فضربه بفأس، فقطع يده فمات الرجل، فحمله الناس إلى أبي [الموفق] [١] فأهدر دم المقطوع اليد، وأطلق الأسود ليتألف الزنج بذلك الفعل، فاغتظت، وقلت: ترى أتمكن من قتل هذا الأسود وأنفذ حكم [٢] الله [عز وجل] فيه، فو الله ما وقعت عيني عليه إلا في هذه الساعة، فقتلته بذلك الرجل.

ورفع إلى المعتضد أن قوما يجتمعون ويرجفون [٣] ويخوضون في الفضول، وقد تفاقم فسادهم، فرمى بالرقعة إلى وزيره عبيد الله بن سليمان فقال: الرأي صلب بعضهم وإحراق بعضهم! فقال: والله لقد بردت لهيب غضبي بقسوتك هذه، ونقلتني إلى اللين من حيث أشرت بالحرق، وما علمت أنك تستجيز هذا في دينك، أما علمت أن الرعية وديعة الله عند سلطانها، وأن الله تعالى سائله عنها؟ أما تدرى [٤] أن أحدا من الرعية لا يقول ما يقول إلا لظلم قد لحقه أو لحق جاره أو داهية قد [٥] نالته أو نالت صاحبه؟ ثمّ قَالَ: سل عن القوم، فمن كان سيّئ الحال فصله من بيت المال، ومن كان يخرجه هذا إلى البطر [٦] فخوّفه، ففعل فصلحت الأحوال.

وكان للمعتضد جارية يحبها وتحبه غاية المحبة، فماتت، فجزع عليها جزعا منعه من الطعام والشراب فقال: [٧]

يا حبيبا لم يكن يعد ... له عندي حبيب


[١] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[٢] في ك: «حد الله» .
[٣] في ك: «يحتمون ويرجعون» .
[٤] في ك: «أما ترى» .
[٥] «قد» ساقطة من ك.
[٦] «البطر» ساقطة من ك.
[٧] في النسخة ك اختلاف في ترتيب الأبيات أثبتناه على ما في الأصل، ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>