للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعتضد وبكيت، وكنت يوما واقفا على رأس المعتضد، فَقَالَ: هاتوا فلانا الطيبي- خادم يلي خزانة الطيب [١]- فأحضر فَقَالَ له: كم عندك من الغالية؟ فَقَالَ:

نيف وستون حبا صينيا مما عمله عدة من الخلفاء، قَالَ: فأيها أطيب [٢] ؟ قَالَ: ما عمله الواثق، [قَالَ: أحضرنيه] [٣] ، فأحضره حبا عظيما تحمله عدة خدم بدهق، ففتح فإذا بغالية قد ابيضت [من التعشيب] [٤] ، وجمدت من العتق في نهاية الذكاء، فأعجبت المعتضد وأهوى بيده إلى حوالي عنق الحب، فأخذ من لطاخته شيئا يسيرا من غير أن يشعث رأس الحب وجعله في لحيته، وَقَالَ: ما تسمح نفسي تطريق التشعيث على هذا الحب [٥] ، ارفعوه، فرفع فمضت الأيام، فجلس المكتفي يوما وهو خليفة فطلب غالية فاستدعى الخادم وسأله عن الغوالي فأخبره بما كَانَ أخبر به أباه، فاستدعى غالية الواثق فجاءه بالحب بعينه ففتح فاستطابه، وَقَالَ: أخرجوا منه قليلا! فأخرج مقدار ثلاثين أو أربعين درهما فاستعمل منه في الحال ما أراده، ودعا بعتيدة له فجعل الباقي فيها ليستعمله على الأيام، وأمر بالحب فختم بحضرته ورفع، ومضت الأيام وولي المقتدر الخلافة، وجلس يوما مع الجواري، وكنت على رأسه فأراد أن يتطيب فاستدعى الخادم، وسأله فأخبره مثل ما أخبر بِهِ أباه وأخاه [٦] ، فَقَالَ: هات الغوالي كلها فأحضرها الحباب كلها فجعل يخرج من كل حب مائة مثقال وخمسين وأقل وأكثر فيقسمه ويفرقه على من بحضرته حتى انتهى إلى حب الواثق فاستطابه فَقَالَ: هاتوا عتيدة حتى نخرج إليها ما نستعمله، فجاءوا بعتيدة فكانت عتيدة المكتفي بعينها، فرأى الحب ناقصا والعتيدة فيها شيء، فَقَالَ: ما السبب في هذا؟ فأخبرته بالخبر على شرحه فأخذ يعجب من بخل الرجلين [٧] ، ويضع منهما بذلك، ثم قَالَ: فرقوا الحب بأسره على الجواري!


[١] في ك: «خادما يلي خزانة الطيب» .
[٢] في ت: «آتينا بطيب» .
[٣] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[٤] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[٥] في ت: «ما تسمع نفسي بالتشعيب على هذا الحب» .
[٦] في ك، ص، والمطبوعة: «وسأله فأخبره بما أخبر أباه وأخاه» .
[٧] في ك: «فأخذ يتعجب من بخل الرجلين» .

<<  <  ج: ص:  >  >>