للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفى هذه السنة كَانَ ظهور الديلم، فكان أول من غلب على الري منهم لنكى بن النعمان، ثم ما كان بْن كاكي، ولقي أهل الجبل بأسرهم من الديلم شدة شديدة، وذلك أنهم أخربوا الجبل وقتلوا من أهله مقتلة عظيمة حتى الأطفال في المهود، ثم غلب على الري أسفار بْن شيرويه، ومضى إلى قزوين، فألزم أهلها مالا وعسفهم عسفا شديدا وأراق دماءهم، وعذبهم فخرج النساء والشيوخ والأطفال إلى المصلى مستغيثين إلى الله عز وجل منه، وَكَانَ له قائد اسمه مرداويج بْن زيار، فوثب هذا القائد عليه، فقتله وملك مكانه وأساء السيرة بأصبهان، وانتهك الحرمات، وجلس على سرير ذهب دونه سرير من فضة يجلس عليه من يرفع منه، وَكَانَ يقول: أنا سليمان بْن داود، وهؤلاء أعواني الشياطين، وَكَانَ يسيء السيرة في أصحابه وخصوصا الأتراك، فأصحر يوما بعسكره، فاشتق العسكر [١] رجل شيخ على دابة، فَقَالَ: قد زاد أمر هذا الكافر واليوم تكفونه قبل تصرم النهار [٢] ويأخذه الله إليه، فدهشت الجماعة ولم ينطق أحد بكلمة، ومر الشيخ كالريح، فَقَالَ الناس: لم لا نتبعه ونأخذه ونسأله من أين له علم هذا أو نمضي به إلى مرداويج لئلا يبلغه الخبر فيلومنا، فركضوا في كل طريق، فلم يجدوه، ثم عاد مرداويج فدخل إلى داره ونزع ثيابه، ودخل الحمام فقتله الأتراك وركبوا إلى الاصطبلات لنهب الخيل، ولما قتل حمل تابوته فمشى الديلم بأجمعهم حفاة أربعة فراسخ.

وجاء أَبُو طاهر الهجري رئيس القرامطة، وَكَانَ قد أخذ الحاج في سنة اثنتي عشرة، فلما سمع الناس به اشتد خوفهم، فبعث أَبُو الْقَاسِم يُوسُف بْن أبي الساج إلى محاربته، وتقدم المقتدر أن يحمل إلى يُوسُف [٣] سبعون ألف دينار، فسار نحو الكوفة وَكَانَ مع أبي طاهر ألف فارس وخمسمائة راجل، ومع يوسف أكثر من عشرين ألفا ما بين [٤] فارس وراجل، وذلك سوى الأتباع، فلما قرب الهجري من الكوفة هرب عمال السلطان منها، فقدم الهجري مقدمته في مائتي راجل، فنزلت النجف، ونزل هو بدير هند بحضرة


[١] في ك: «فاستبق العسكر» .
[٢] في ص: «تكفونه عند تصرم النهار» .
[٣] يوسف بن أبي الساج ... أن يحمل إلى يوسف» : ساقط من ك.
[٤] «ما بين» : ساقطة من ص، ل.

<<  <  ج: ص:  >  >>