للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خندق الكوفة، وقد كَانَ بعث ليوسف مائة كر دقيق وألف كر شعير، فأخذها الهجري فقوي بها وضعف يُوسُف وسبق الهجري إلى الكوفة قبل يُوسُف بيوم، فحال بينه وبينها، وبعث يُوسُف إليه ينذره ويقول له: إن أطعت وإلا فالحرب فأبى أن يطيع، فوقعت الحرب بينهما يوم السبت لتسع خلون من شوال سنة خمس عشرة على باب الكوفة، ولما عاين يُوسُف عسكر أبي طاهر احتقره، وَقَالَ: من هؤلاء الكلاب حتى أفكر فيهم؟

هؤلاء بعد ساعة في يدي، وتقدم أن يكتب كتاب الفتح قبل اللقاء، فلما سمع أصحاب الهجري صوت البوقات [١] والدبادب من عسكر يُوسُف، قَالَ رجل منهم لآخر: هذا فشل، فَقَالَ له: أجل، ولم يكن في عسكر أبي طاهر دبادب ولا بوقات، وثبت يُوسُف فأثخن أصحاب أبي طاهر بالنشاب المسموم، وجرح منهم أكثر من خمسمائة، فلما رأى أَبُو طاهر ذلك وَكَانَ في عمارية له [٢] نزل فركب فرسا وحمل في خواصه، وحمل يُوسُف بنفسه مع ثقاته، فأسر يُوسُف وقتل من أصحابه عدد كثير وانهزم الباقون.

وقيل لبعض أصحاب الهجري: كيف تغلبون مع قلتكم؟ فقالوا: نحن نقدر السلامة في الثبوت، وهؤلاء يقدرونها في الهرب، وَكَانَ قد قبض يُوسُف بْن أبي الساج على كاتبه أبي عبد الله [٣] مُحَمَّد بْن خلف، وأخذ منه ما قيمته مائة ألف دينار، ثم أخذ خطه بخمسمائة ألف دينار.

وبلغ الخبر إلى بغداد، فندب مؤنس/ للخروج إليه فجاء كتاب: أن الهجري رحل عن الكوفة إلى ناحية الأنبار، وما شك الناس [٤] أنه يقصد بغداد ويملكها، فماج أهل بغداد [٥] ، فَقَالَ عَلي بْن عيسى للمقتدر باللَّه: إن الخلفاء إنما يجمعون المال ليقمعوا به أعداء الدين، ولم يلحق المسلمين منذ قبض رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعظم من هذا الأمر، لأن هذا الرجل كافر وقد أوقع بالناس [٦] سنة اثنتي عشرة، وجرى عليهم منه ما لم


[١] في ك: «أصحاب الهجريّ ضرب البوقات» .
[٢] «له» : ساقطة من ص، ل.
[٣] في ك: «على كاتبه أبي عبيد» وكذا في ت.
[٤] في ك: «وما يشك الناس» .
[٥] في ك: «فهاج أهل بغداد» .
[٦] في ك: «وقد أوقع بالحاج» .

<<  <  ج: ص:  >  >>