للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعهد مثله، وقد تمكنت هيبته في قلوب الناس ولم يبق في بيت مال الخاصة كثير شيء [١] ، فاتق الله يا أمير المؤمنين، وخاطب السيدة فان كَانَ عندها مال قد دخرته لشدة [٢] فهذا وقت إخراجه، فدخل إلى والدته وعاد فأخبر أن السيدة ابتدأته بالبذل، وأمرت بإخراج خمسمائة ألف دينار لتنفق، وَكَانَ قد بقي في بيت مال الخاصة خمسمائة ألف، فقال المقتدر باللَّه: أخرج منها ثلاثمائة ألف. فأخرج ذلك ودبر تفرقته، وبعث عسكرا في أربعين ألفا، وقطعوا قنطرة عند عقرقوف، فوصل إليها القرمطي، فوجدها مقطوعة، وسبر المخاضة فلم يجد عبرا ولو وجد لم يثنه عن بغداد، فعاد إلى الأنبار.

وبلغ عَلي بن عيسى أن رجلا يعرف بالشيرازي مقيما ببغداد يكاتب القرمطي، فقبض عليه واستنطقه، فَقَالَ: ما صحبته إلا لأنه على الحق وأنتم مبطلون كفار. فَقَالَ:

اصدقني عن الذين يكاتبونه. فَقَالَ: ولم أصدقك عن قوم مؤمنين حتى تسلمهم إلى أصحابك الكافرين فيقتلونهم لا أفعل هذا أبدا. فصفع، وضرب بالمقارع، وقيد، وغل وجعل في فمه سلسلة، وحبس فلم يأكل ولم يشرب ثلاثا فمات.

ووجه يلبق إلى محاربة القرمطي فلم يثبت يلبق وانهزم، وَكَانَ يُوسُف بْن أبي الساج أسيرا مع القرمطي، فأخرج رأسه من خيمة يتطلع لينظر إلى الوقعة، فَقَالَ له القرمطي: أردت الهرب وظننت أن غلمانك يخلصونك [٣] ، فضرب عنقه.

ولما انصرف القرمطي عن الأنبار تصدق المقتدر والسيدة وعلي بْن عيسى بخمسين ألف درهم. [ولما صلى الناس بمدينة السلام وسلموا تصدقوا بعشرة آلاف درهم] [٤] ولما انصرف عن هيت تصدق المقتدر باللَّه من بيت مال الخاصة بمائة ألف درهم.

وفى هذه السنة بلغت زيادة دجلة اثني عشر ذراعا وثلاثين، ولم يحج في هذه السنة أحد من العراق وخراسان لخوف الهجري [٥] .


[١] في ك: «ولم يبق في بيت مال كثير شيء» .
[٢] في ص: «قد دخرته لوقت شديد» .
[٣] في ت: «يخدمونك» .
[٤] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[٥] في ك: «أحد من العراق ولا من أهل خراسان لخوفهم من الهجريّ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>