للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنما الزعفران عطر العذارى ... ومداد الدواة عطر الرجال

وجرى على ابن مقلة في اعتقاله المكاره، وأخذ خطه بألف ألف دينار، وأطلق بعد ذلك/ فكتب إلى الراضي أنه إن أعاده [١] إلى الوزارة استخرج له ثلاثة آلاف ألف دينار، وقد ذكرنا إنه ضمن بعض الأمراء بمال فاستفتى الفقهاء في حقه، فَقَالَ بعضهم:

هذا قد سعى في الأرض بالفساد فتقطع يده، فقطعت وَكَانَ ينوح على يده [٢] ، ويقول:

يد خدمت بها الخلفاء ثلاث دفعات، وكتبت بها القرآن دفعتين تقطع كما تقطع أيدي اللصوص، ثم قَالَ: إن المحنة قد نشبت بي وهي تؤديني إلى التلف، وأنشد:

إذ ما مات بعضك فابك بعضا ... فإن البعض من بعض قريب

ومن شعر [ابن مقلة] [٣] حين قطعت يده، قوله:

ما سئمت الحياة لكن توثقت ... بأيمانهم فبانت يميني

بعت ديني لهم بدنياي حتى ... حرموني دنياهم بعد ديني

فلقد حطت ما استطعت بجهدي ... حفظ أرواحهم فما حفظوني

ليس بعد اليمين لذة عيش ... يا حياتي بانت يميني فبيني

وقال أيضا: [٤]

إذا أتى الموت لميقاته ... فعد عن قول الأطباء

وإن مضى من أنت صب به ... فالصبر من فعل الألباء

ما مر شَيْء من بنى آدم ... أمر من فقد الأحباء

ثم قطع لسانه بعد ذلك، وطال حبسه، فلحقه ذرب، وَكَانَ يستسقي الماء بيده اليسرى وفمه إلى أن مات في شوال سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، ودفن في دار السلطان،


[١] في ت: «إلى الراضي أنه إن عاد» .
[٢] في ت: «فقطعت وكان كثير البكاء على يده» .
[٣] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[٤] في ل، ص: «وله أيضا» .

<<  <  ج: ص:  >  >>