للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبلغه حالكم ففعل كذا وكذا، فضجوا بالدعاء والبكاء [١] وسمعت امرأة منهم تقول مر يا علي بن عيسى لا نسي الله لك هذا الفعل! فلما سمع الوزير ذلك أجهش بالبكاء، وسجد شكرا للَّه تعالى، فقلت: أيها الوزير، أسمعك كثيرا تتبرم بالوزارة، فهل كنت تقدر على تحصيل هذا الثواب لولا الوزارة؟ فشكر لي [٢] ، وانصرفت [٣] .

أخبرنا أبو بكر بن أبي طاهر، عَنْ أبي القاسم عَلِي بْن المحسن التنوخي، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حدثني جماعة من أهل الحضرة أن رجلا بالكرخ كان مشهورا بالستر وارتكبه دين، فقام عن دكانه ولزم منزله، وأقبل على الدعاء والصلاة ليالي كثيرة، فلما كانت ليلة الجمعة صلى صلاته ودعا ونام، قال: فأريت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يقول: اقصد علي بن عيسى الوزير، فقد أمرته لك بأربعمائة دينار، فخذها وأصلح بها أمرك. قال: وكان علي قيمة ستمائة دينار [٤] فلما كان من غد قلت: قد قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ رأني في المنام فقد رأني [حقا فان] [٥] الشيطان لا يتمثل بي» فلم لا أقصد الوزير؟ فجئت الباب فمنعت من الوصول إليه فجلست [٦] إلى أن ضاق صدري وهممت بالانصراف، فخرج صاحبه وكان يعرفني معرفة ضعيفة، فأخبرته فقال: يا هذا، الوزير والله في طلبك منذ السحر والى الآن، وقد سأل عنك، فما عرفك أحد، والرسل مبثوثة في طلبك، فكن مكانك، قال:

ومضى ودخل، فما كان بأسرع من أن دعوني فدخلت إلى الوزير، فقال لي: ما اسمك؟

فقلت: فلان ابن فلان العطار. قال: من أهل الكرخ؟ قلت: نعم. قال: يا هذا، أحسن الله جزاءك في قصدك إياي، فو الله ما تهنأت [٧] / بعيش منذ البارحة، جَاءَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في منامي فقال: «اعط فلان بن فلان العطار من الكرخ أربعمائة دينار يصلح بها شأنه» وكنت اليوم طول نهاري في طلبك، وما عرفك أحد، ثم قال: هاتوا ألف دينار


[١] «والبكاء» سقطت من ص.
[٢] في باقي النسخ: «فشكرني» .
[٣] في ل: «ونهضت» .
[٤] في ص: «ستمائة ألف» .
[٥] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[٦] في الأصل: «فقعدت» .
[٧] في باقي النسخ: «ما برحت» .

<<  <  ج: ص:  >  >>