وتسليمه الأمر إلى القادر باللَّه، وشهد عليه الأشراف والقضاة، وذلك في يوم الأحد ثاني يوم القبض، وأنفذ إلى القادر وأذن الطائع والكتاب عليه بخلعه نفسه، وتسليمه الأمر إلى [القادر باللَّه] ، وحث على المبادرة، وشغب الديلم والأتراك يطالبون برسم البيعة، وخرجوا إلى قبر النذور، وترددت الرسل بينهم وبين بهاء الدولة، ومنعوا من الخطبة باسم القادر [في] يوم الجمعة لخمس بقين من الشهر، فقيل: اللَّهمّ أصلح عبدك وخليفتك القادر باللَّه، ولم يسم، ثم أرضى الوجوه والأكابر، ووقع السكون، وأخذت البيعة على الجماعة، واتفقت الكلمة على الرضا والطاعة، وأقيمت الخطبة في يوم الجمعة الثالث من رمضان باسم القادر، وحول من دار الخلافة جميع ما كان فيها من المال والثياب، والأواني، والمصاغ، والفروش، والآلات، والعدد، والسلاح، والخدم، والجواري، والدواب، والرصاص، والرخام، والخشب الساج [١] والتماثيل، وطاف بهاء الدولة دار الخلافة مجلسا مجلسا، واستقراها موضعا موضعا، وانتخب للخاصة والعامة، فدخلوها وشعثوا ابنيتها، وقلعوا من أبوابها وشبابيكها، ثم منعوا بعد ذلك، وقام مهذب الدولة أبو الحسن علي بن نصر الذي كان القادر هرب إليه بالبطائح بتجهيزه، وحمل إليه من المال، والفروش، والآلات أكثر شيء وأحسنه، وأعطاه طيارًا كان بناه لنفسه، وشيعه، فلما وصل إلى واسط اجتمع الجند وطالبوه [برسم] البيعة، ومنعوه من الصعود، إلا بعد إطلاق مالها، وجرت معهم خطوب انتهت إلى أن وعدوا بإجرائهم مجرى البغداديين فما يتقرر عليه أمورهم، فرفضوا وسار وكان مقامه بالبطيحة منذ حصل فيها إلى أن خرج عنها سنتين واحد عشر شهرا وقيل: سنتين وأربعة أشهر وأحد عشر يومًا إلى اليوم الذي خَرَجَ منها.
أخبرنا محمد بن أبي منصور، أخبرنا محمد بن أبي نصر الحميدي، أخبرنا أبو الحسن محمد بن هلال بن المحسن قال: أخبرني أبي قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الحسين مُحَمَّد بْن الْحَسَن بن محفوظ قال: حدثني الوزير أبو العباس عيسى بن ماسرجس قال:
حدثني أبو القاسم هبة الله بن عيسى كاتب مهذب الدولة قال: لما ورد القادر باللَّه البطيحة وأقام عندنا كنت أغشاه يومين في كل أسبوع كالنوبة في خدمته، فإذا حضرت