من الخلاف، فيه غضائر لطاف، فيها باذنجان مقلو وخل وباقلاء ودبس وعلى ذلك رغيفان من خبز البيت، وشدد ذلك في مئزر قطن فتناول الخليفة من كل لون منه وفرق الباقي، وبعث إلى ابن القزويني مائتي دينار فلما كان بعد أيام، أنفذ الخليفة إليه بالفراش يلتمس من ابن القزويني إنفاذ شيء من إفطاره، فأنفذ طبقا جديدا وفيه زبادى جياد وفيها فراريج وقطعة فالوذج وخبز سميذ ودجاجة مشوية، وقد غطى ذلك بفوطة جديدة فلما وصل ذلك إلى الخليفة، تعجب وقال: قد كلفنا الرجل ما لم تجر به عادته فانفذ إليه، لم يكن بك حاجة إلى الكلفة، فقال: ما تكلفت، وإنما اعتمدت ما أمرني الله به إذا وسع [الله] عليَّ وسعت على نفسي، وإذا ضيق ضيقت، وقد كان من إنعام أمير المؤمنين ما عدت به على نفسي وجيراني، فتعجب القادر باللَّه من دينه وعقله ولم يزل يواصله بالعطاء، وكان القادر يقسم الطعام الذي يهيأ لإفطاره ثلاثة أقسام، فقسم يتركه بين يديه، وقسم يحمل إلى جامع الرصافة، وقسم إلى جامع المدينة، فيفرق على المجاورين، فاتفق أن الفراش حمل إلى جامع المدينة جونة فيها طعام، ففرقه على المنقطعين [١] فأخذوا إلا شابا فإنه رد ذلك فلما صلوا صلاة المغرب صلى الفراش معهم، فرأي ذلك الشاب، قد خرج من الجامع فتبعه فوقف على باب فاستطعم فأطعموه كسيرات، فأخذها وعاد إلى الجامع فتعلق به الفراش، وقال: ويحك ألا تستحي، ينفذ إليك خليفة الله في أرضه بطعام حلال فترده وتخرج فتستطعم من الأبواب، فقال: والله ما رددته، إلا لأنك عرضته عليَّ قبل الإفطار وكنت غير محتاج إليه حينئذ، فلما جاء وقت الإفطار استطعمت عند الحاجة فعاد الفراش، فأخبر القادر فبكى، وقال له: راع مثل هذا واغتنم أجره وأقم إلى وقت الإفطار وادفع إليه ما يفطر عليه.
حدثنا إبراهيم بن دينار الفقيه: قال: حدثني أبو سعيد عبد الوهاب بن حمزة بإسناد له، عن أبي الحسن الأبهري قال: بعثني بهاء الدولة من الأهواز في رسالة إلى القادر باللَّه فلما أذن لي في الدخول عليه سمعته ينشد هذه الأبيات:
سبق القضاء بكل ما هو كائن ... والله يا هذا لرزقك ضامن