تغني بما تكفى وتترك ما به ... تعيا كأنك للحوادث آمن
أوما ترى الدنيا ومصرع أهلها ... فاعمل ليوم فراقها يا خائن
واعلم بانك لا أبا لك في الذي ... أصبحت تجمعه لغيرك خازن
يا عامر الدنيا أتعمر منزلا ... لم يبق فيه مع المنية ساكن
الموت شيء أنت تعلم أنه ... حق وأنت بذكره متهاون
إن المنية لا تؤامر من أتت ... في نفسه يوما ولا تستأذن
فقلت: الحمد للَّه الذي وفق أمير المؤمنين لانشاد [مثل] هذه الأبيات وتدبر معانيها والعمل بمضمونها، فقال: يا أبا الحسن بل للَّه المنة علينا إذ ألهمنا بذكره ووفقنا لشكره ألم تسمع إلى قول الحسن البصري، وقد ذكر عنده بعض أهل المعاصي فقال:
هانوا عليه فعصوه ولو عزوا عليه لعصمهم، وفي ذي القعدة لقب القادر باللَّه بهاء الدولة بغياث الأمة، وخطب له بذلك على المنابر مضافا إلى ألقابه.
ونقل بهاء الدولة أخته زوجة الطائع للَّه إلى دار بمشرعة الصخر وأقام لها إقامات كافية، وأقطعها إقطاعات، فلم تزل كذلك حتى ماتت.
وفي يوم الثاني عشر من ذي الحجة وهو يوم الغدير جرت فتنة بين أهل الكرخ وباب البصرة، واستظهر أهل باب البصرة وخرقوا أعلام السلطان، فقتل يومئذ جماعة اتهموا بفعل ذلك، وصلبوا على القنطرة فقامت الهيبة وارتدعوا.
وفي هذه السنة حج بالناس أبو الحسن محمد بن الحسن بن يحيى العلوي، وكذلك سنة اثنتين وثلاث، وكان أمير مكة أبو الفتوح الحسن بن جعفر العلوي، فاتفق أن أبا القاسم بن المغربي حضر عند حسان ابن المفرج بن الجراح الطائي، فحمله على مباينة العزيز صاحب مصر وقال: لا مغمز في نسب أبي الفتوح والصواب أن تنصبه إماما فوافقه، ومضى المغربي إلى مكة فأطمع أبا الفتوح في الملك وسهل عليه الأمر، فأصغى إلى قوله، وبايعه شيوخ الحسنيين، وحسن له أبو القاسم المغربي أن أخذ قبلة البيت وما فيه من فضة وضربه دراهم، فاتفق انه مات بجدة رجل يعرف بالمطوعي، وعنده أموال للهند والصين،