للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند زيادة أمره وتعاظم خطبه واتصال فساده، فنزلوا الأجمة التي يأوي إليها وهي أجمة ذات قصب وماء كثير تمتد خمسة فراسخ، وفي وسطها تل قد جعله معقلا ومنزلا، فترتب كل واحد من الإصبهلارية [١] علي باب من أبوابها، فخرج إليهم البرجمي في ركاء وعلى رأسه غلامه، وقال لهم: من العجب خروجكم إلي وأنا كل ليلة عندكم، فإن شئتم أن ترجعوا وأدخل إليكم فعلت، وأن شئتم أن تدخلوا إلي فافعلوا، فذكر أن قوما منهم راسلوه وقووا نفسه، وأروه أنهم يردون العسكر عنه.

وفي جمادي الأولى: كثرت العملات والكبسات، ووقع القتال في القلائين وعلى القنطرتين، وعاد الاختلاط، وطرحت النار فأحترق شيء عظيم وأسواق ومساجد وغيرها، ووقع النهب في درب عون، وأخذت أبوابه ودرب القراطيس إلى نهر الدجاج.

وفي هذه الأيام: تغيرت قلوب الجند، فقدم الوزير أبو القاسم فظنوا أن وروده للتعرض بأموالهم ونعمهم، واستوحشوا وأنكروا ورود الوزير من غير إجماع منهم ولا استقرار قاعدة معهم في أمره، وأظهر المطالبة بما أخذه الملك من مال بادرويا، فجاءت منهم جماعة إلى باب دار السلطان وصاحوا وجلبوا وأخذوا دواب من كان هناك، وانزعج الوزير ومن معه من الأكابر وبادروا الدخول إلى صحن الدار مبادرة ازدحموا فيها، وانقضى ذلك اليوم واجتمعوا من غد في مسجد القهرمانة وتكلموا في إهمال السلطان لأمورهم واخذ أموالهم، وعقدوا آراءهم على مراسلة الملك بتسليمه أقواما من أصحابه وخروجه من بغداد إلى واسط أو البصرة وإقامة أحد أولاده الأصاغر عندهم، ثم انفصلت طائفة منهم فاجتازوا على دار المملكة، فإذا باب البستان مفتوح فدخلوا بدوابهم، فعرف الملك فخرج من دور الحرم إليهم، فرأوه فتراجعوا قليلا فأطاف بهم غلمان الدار والحواشي، فأمرهم بالانصراف فتبعه أحد خواصه فضربه بآجرة فرجع ومشى وحده/ إلى القوم، وقال لهم: تعالوا حتى أسمع كلامكم وأنظر ما تريدون، فأحاطوا به وأخذوه وأخرجوه إلى دجلة وهم لا يدرون ما يفعلون، لأن الذي جرى منهم لم يكن علي أصل ولا اتفاق، وإنما كان تخليطا، وأنزلوه سميرية فلما حصل فيها قال بعضهم


[١] في الأصل: «الاسفسهلارية» . وفي ل: «الإصفهسلارية» .

<<  <  ج: ص:  >  >>