للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«بأنا معترفون لكم بما ذكرتم وما يحصل لنا نصرفه إليكم، وأما خروجنا فالأحوال التي نقاسيها تدعو إليها ولو لم تسألوه وهذه [١] أيام صوم وحر، وإذا انقضت انحدرنا علي ما هو أجمل بنا وبكم» فلما وصل الجواب نفروا وقالوا: إنما غرضه المدافعة لينتقض ما عقدنا من غرضنا، ولا نتركه إلا اليوم أو غدا، فقال بعضهم: هذا لا يحسن ولكن/ كاتبوه ليقتصر على مدة قريبة، فكاتبوه فأجاب: إذا قدرتم مدة قريبة يمكن إنجاز أموري في مثلها، وندبتم من يكون في صحبتي، وعينتم على اليوم الذي تختارونه لم أتأخر عنه، فوصل الجواب وجمعهم أقل من كل يوم فوجموا، وقال بعضهم لبعض: إذا خرج فعلى ما نعول بعده، فكتبوا إليه قد شكرنا إنعام مولانا ونحن نسأل قبل الخروج أن يحلف لنا على صلاح النية، وأن لا يريد بنا سوءا أو يرتب عندنا أحد الأمراء الأصاغر برسم النيابة عنه ثم ينحدر.

وأنفذ الملك في أثناء هذه المراجعات إلى الأصاغر يستميلهم ويعدهم، وجاءه بعضهم ليلا فخاطبهم بما استصلحهم به فوعدوه فل هذه العزيمة، وراسل كلا من الأكابر وأراه سكونه إليه وتعويله عليه، والتمس حاجب الحجاب منه تجديد اليمين على سلامة الاعتقاد فيه، وأن لا يستوزر أبا القاسم، ففعل فاجتمعوا في مسجد القهرمانة وقال بعضهم لبعض: جلال الدولة ملكنا ونحن جنده، وباكروا دار المرتضى ودخلوا إلى الملك وقبلوا الأرض بين يديه واستصفحوا عما جرت الهفوة فيه، وسألوه العود إلى داره، فركب معهم إلى دار المرتضى التي [بناها] [٢] علي شاطئ دجلة، وسكنت الثائرة، ورضوا بالوزير أبي القاسم، وأقام جلال الدولة مكانه حتى تكرر سؤالهم فعبر إلى داره.

وفي هذه الأيام [٣] : تبسط العامة وانتشر العيارون وقتلوا وترددوا في الكرخ حاملين السلاح. وتبعهم أصاغر المماليك، ومضت الأيام علي كبس المنازل ليلا والاستقفاء نهارا فعظمت المحنة/ وتعدوا إلى الجانب الشرقي ففسد، ووقع بين عوامه من أهل باب الطاق وسوق يحيى قتال اتصل وهلك فيه جماعة، فاجتمع الوزير وحاجب


[١] في الأصل: «ولو لم تطلبوه» .
[٢] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[٣] بياض في ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>