للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبقيت قطعة منه في يدي لمدة وإمساكي له ومضى ولم أدركه، فرجعت ودخلت على أحمد بن كليب قال: وقد كان غلامه دخل عليه إذ رآني من أول الزقاق مبشرا، قال:

فلما رآني تغير وجهه وقال: أين أبو الحسن؟. فأخبرته بالقصة فاستحال من وقته واختلط وجعل يتكلم بكلام لا يعقل منه أكثر من الاسترجاع، فاستبشعت الحال وجعلت أتوجع وقمت، قال: / فثاب إليه ذهنه فقال: يا أبا عبد الله اسمع مني واحفظ مني ثم أنشأ يقول:

أسلم يا راحة العليل ... رفقا على الهائم النحيل

وصلك أشهى إلى فؤادي ... من رحمة الخالق الجليل

قال: فقلت له: اتق الله ما هذه الخطة العظيمة، فقال: قد كان، قال فخرجت عنه فو الله ما توسطت الزقاق حتى سمعت الصراخ عليه [١] وقد فارق الدنيا.

قال الحميدي: قال لنا أبو محمد: وهذه قصة مشهورة عندنا، ومحمد بن الحسن ثقة، [ومحمد بن خطاب ثقة] [٢] وأسلم هذا من بني خالد، وكانت فيهم وزارة وحجابة وأبوه الآن في الحياة يكنى أبا الجعد، قال أبو محمد: ولقد ذكرت هذه الحكاية لأبي عبد الله محمد بن سعيد الخولاني الكاتب فعرفها، وقال: لقد أخبرني الثقة أنه رأى أسلم هذا في يوم شديد المطر لا يكاد أحد يمشي في طريق وهو جالس على قبر أحمد بن كليب المذكور زائرا له قد تحين غفلة الناس في مثل ذلك اليوم، قال الحميدي: وأنشدني أبو محمد علي بن أحمد، قال: أنشدني محمد بن عبد الرحمن النحوي لأحمد بن كليب وقد أهدى إلى أسلم كتاب الفصيح لثعلب:

هذا كتاب الفصيح ... بكل لفظ مليح

وهبته لك طوعا ... كما وهبتك روحي


[١] في الأصل: «سمعت العياط عليه» .
[٢] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>