للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ناوشهم القتال حَتَّى ننظر كيف قتالهم. فخرج إليهم فناوشهم فقتلوه، فزاد ذلك وهرز حنقا [١] عليهم فَقَالَ: أروني ملكهم. فقالوا: ترى رجلا عَلَى الفيل عاقدا تاجه عَلَى رأسه، بين عينيه ياقوتة حمراء. قَالَ: نعم. قالوا: ذاك [٢] ملكهم. فوقفوا طويلا ثم قَالَ:

علام هو؟ قالوا: قد تحوّل على فرس. فَقَالَ: اتركوه. فوقفوا طويلا، ثم قَالَ: علام هو؟

قالوا: قد تحول عَلَى البغلة. فَقَالَ: ابنه الحمار! ذل وذل ملكه، إني سأرميه، فإن رأيتم أصحابه وقوفا لم يتحركوا فأثبتوا حَتَّى أوذنكم، فإني قد أخطأت الرجل، وإن رأيتم القوم قد استداروا، ولاثوا به، فقد أصبت الرجل، فاحملوا عليهم.

ثم أوتر قوسه وضربه فصك الياقوتة التي بين عينيه، فتغلغلت النشابة فِي رأسه، حَتَّى خرجت من قفاه، فتنكس عَنْ دابته، واستدارت الحبشة، فحملت عليهم الفرس، فانهزموا، وقتلوا وهرب شريدهم في كل وجه، فاقبل وهرز يريد صنعاء يدخلها، حتى إذا أتى بابها قَالَ: لا تدخل رايتي منكسة أبدا، اهدموا الباب. فهدم باب صنعاء، ثم دخلها ناصبا رايته بين يديه.

فلما ملك اليمن ونفى عنها الحبشة كتب إِلَى كسرى: إني قد ضبطت لك اليمن، وأخرجت من كان بها من الحبشة، وبعث إليه الأموال. فكتب إليه كسرى أن يملك سيف بْن ذي يزن على اليمن وأرضها، وفرض كسرى عَلَى سيف بْن ذي يزن جزية وخراجا يؤديه فِي كل عام، وكتب إِلَى وهرز أن ينصرف إليه ففعل، وكان ذو يزن [٣] أَبُو سيف من ملوك اليمن [٤] .

وقيل: بل الذي قدم عَلَى كسرى ذي يزن، فمات عَلَى بابه، فقدم ابنه سيف عَلَيْهِ، فَقَالَ: أنا ابن الشيخ اليماني الذي وعدته النصر فمات ببابك فرق له وأعانه، وجرى له ما ذكرنا.


[١] في الأصل: «حتفا» .
[٢] في الأصل: «ذلك» .
[٣] في الأصل: «ذو أيزن» .
[٤] تاريخ الطبري ٢/ ١٣٩- ١٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>