للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى [١] محمود بن الفضل الأصبهاني أن القائم كتب في السجن دعاء وسلمه إلى بدوي، وأمره أن يعلقه على الكعبة: «إلى الله العظيم من عبده المسكين، اللَّهمّ إنك العالم بالسرائر، والمحيط بمكنونات السرائر، [٢] اللَّهمّ إنك غنى بعلمك واطلاعك على أمور خلقك عن إعلامي بما أنا فيه، عبد من عبادك قد كفر بنعمتك وما شكرك وأبقى العواقب، وما ذكرها أطغاه حلمك، وتجبر بأناتك حتى تعدى علينا بغيًا، وأساء إلينا عتوًا وعدوانا، اللَّهمّ قل الناصرون لنا، واغتر الظالم وأنت المطلع العالم، والمنصف الحاكم، بك نعتز عليه، واليك نهرب من يديه، فقد تعزز علينا بالمخلوقين ونحن نعتز بك يا رب العالمين، اللَّهمّ إنا حاكمناه إليك، وتوكلنا في إنصافنا منه عليك، وقد رفعت ظلامتي إلى حرمك، ووثقت في كشفها بكرمك، فاحكم بيني وبينه وأنت خير الحاكمين، وأرنا به ما نرتجيه فقد أخذته العزة بالإثم، فاسلبه عزه ومكنا بقدرتك من ناصيته، يا أرحم الراحمين، فحملها البدوي وعلقها على الكعبة، فحسب ذلك اليوم ٢٠/ أفوجد أن البساسيري قتل وجيء برأسه بعد سبعة أيام من/ التاريخ.

ومن شعر القائم الذي قاله في الحديثة:

خابت ظنوني فيمن كنت آمله ... ولم يخب ذكر من واليت في خلدي

تعلموا من صروف الدهر كلهم ... فما أرى أحدا يحنو على أحد

وقال أيضا:

ما لي من الأيام إلا موعد ... فمتى أرى ظفرا بذاك الموعد

يومي يمر وكلما قضيته ... عللت نفسي بالحديث إلى غد

احيا بنفس تستريح إلى المنا ... وعلى مطامعها تروح وتغتدي

وأما حديث البساسيري: فإنه ركب يوم الخميس عاشر ذي الحجة من سنة خمسين إلى المصلى في الجانب الشرقي وعلى رأسه الألوية والمطارد المصرية، وعيد ونحر وبين يديه أبو منصور بن بكران حاجب الخليفة على عادته في ذاك، وكان قد أمنه


[١] في ص: «وأورد» .
[٢] في الأصل: «الضمائر» .

<<  <  ج: ص:  >  >>