للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحكى «نجدة» لقريش أن السلطان طغرلبك بهمذان في عساكر كثيرة، وهو بنية المسير إلى العراق متى لم يرد الخليفة إلى بغداد، فخاف قريش وارتاع، فابتاع جمالا عدة، وأصلح بيوتا كثيرة، وأنفذ إلى البرية من يحفر فيها ويعمرها ليدخلها، ثم أنفذ الكتاب الوارد إليه [١] مع «نجدة» إلى البساسيري ليدبر الأمر على مقتضاه، فأنفذ ٢٥/ ب البساسيري إلى بغداد، فأخذ دوابه/ وجماله ورحله إلى مقره بواسط، وكاتب أهله يطيب نفوسهم ويقول: متى صح عزم هذا الرجل على قصد العراق سرت إليكم وأخذتكم، فلا تشغلوا قلوبكم.

وتقدم بأن يسلخ ثور أسود ويؤخذ [٢] جلده فيكسى به رمة أبي القاسم ابن المسلمة، ويجعل قرناه على رأسه وفوقهما طرطور أحمر، ففعل ذلك.

ثم أجاب البساسيري إلى عود الخليفة، وشرط في ذلك شروطًا منها: أن يكون هو النائب على باب الخليفة، والخادم دون غيره، ورد خوزستان، والبصرة إليه علي قديم عادته، وأن يخطب للخليفة فقط دون أن يشاركه في الخطبة ركن الدين، وبعث مع رسل السلطان طغرلبك إلى الخليفة من يتولى إحلاف الخليفة له على ما اشترط، وعرف البساسيري قرب السلطان، فكاتب أصحابه بالبصرة ليصعدوا إليه ليقصد بغداد، فأعجل الأمر عن ذلك وانحدر حرم البساسيري وأولاده وأصحابهم وأهل الكرخ والمتشبهون في دجلة، وعلى الظهر وبلغت أجرة السمارية إلى النعمانية عشرة دنانير، ونهب الأعراب والأكراد أكثر المشاة، ولما وصل السائرون على الظهر إلى صرصر غرق في عبورهم قوم منهم، وبقى أكثر العامة [٣] لم يعبروا، فعطف عليهم بنو شيبان فنهبوهم، وقتلوا أكثرهم، وعروا نساءهم، وتقطعت قطعة منهم في السواد، وكان خروج أصحاب البساسيري في اليوم السادس من ذي القعدة، وكذلك كان دخولهم إلى بغداد في سادس ذي القعدة، وكان تملكهم سنة كاملة، وثار الهاشميون وأهل باب البصرة إلى الكرخ فنهبوها وطرحوا النار في أسواقها ودروبها، واحترقت دار الكتب التي وقفها


[١] «إليه» سقطت من ص، ت.
[٢] في الأصل: «ويسلخ» .
[٣] في ص: «وبقي أكثرهم لم يعبروا» .

<<  <  ج: ص:  >  >>