للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البصرة، وجميع البلد، ولم يسلم من ذلك إلا حريم الخليفة، وكان أكثره خاليا، وأخذ الناس فعوقبوا، واستخرجت منهم الأموال بأنواع العذاب، وتشاغل [١] بعمارة دار المملكة، فوقع النقض في أكثر ما سلم، وبعث السلطان عميد الملك ومن استعقله من الأمراء والحجاب في نحو ثلاثمائة غلام، وأصحبهم أربع عشرة بختية عليها السرادق الكبير، والعدد من الخيم، والخركاهات، والآلات، والفروش، ستة أبغل عليها الثياب والأواني، وبغلا عليه مهد مسجف، وثلاثة أفراس بالمراكب الذهب.

قَالَ ابن فورك: فاستقبلتهم، فاستشرحني عميد الملك ما جرى فشرحته. فقال:

تقدم واضرب السرادق والخيام [٢] وانقل أمير المؤمنين من حيث هو إليها ليلقاه فيها [٣] ، وإذا حضرنا فليؤخر الإذن لنا ساعة كبيرة، فسبقت وفعلت ذلك، ودخل عميد الملك فأورد ما أوجب إيراده من سرور السلطان وابتهاجه بما يسره الله تعالى له من خلاصه، وشكر مهارشًا علي جميل فعله، وسأل الخليفة السير فقال: بل نستريح يومين ونرحل/، ٢٧/ أفقد لحقنا من النصب ما يجب أن يحلل بالراحة قَالَ: كما ترى [٤] .

وكتب عميد الملك إلى السلطان كتابا فشرح له ما جرى فيه [وأجب] [٥] أخذ خط الخليفة علي رأسه تصديقا لما يتضمنه فلم يكن عنده دواة حاضرة، فأحضر عميد الملك من خيمته دواة فتركها بين يديه، وأضاف إليها سيفا منتخبا وقال: هذه خدمة محمد بن منصور- يعنى نفسه- جمع في هذه الدولة بين خدمة السيف والقلم.

فشكره الخليفة وأقاموا يومين، ثم وقع الرحيل فوصلوا إلى النهروان يوم الأحد الرابع والعشرين من ذي القعدة. فأشعر السلطان بذلك فقال: قولوا لأبي نصر- يعنى عميد الملك- يقيم إلى أن ينزل الخليفة ويستريح، ويصلى ويتناول الطعام، ثم يعرفني حتى أجيء وأخدمه.


[١] في الأصل: «وتشوغل» .
[٢] في ص: «والخيم» .
[٣] في ص: «ليلقاه فيها» .
[٤] في ص: «كما قال براء» .
[٥] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>