للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما جاء وقت العصر جاء عميد الملك فأخبر السلطان بعد أن استأذن له الخليفة، فركب فلما وقعت عينه على السرادق نزل عن فرسه ومشى إلى أن وصله، فدخل فقبل الأرض سبع مرات، فأخذ الخليفة مخدة من دسته فطرحها له بين يديه، وقال: اجلس.

فأخذ المخدة فقبلها، ثم تركها وجلس عليها، وأخرج من قبائه الجبل الياقوت الأحمر الذي كان لبني بويه، فطرحه بين يديه، وأخرج اثنتي عشرة حبة لؤلؤا كبارا مثمنة، فقال:

أرسلان خاتون- يعنى زوجة- الخليفة تخدم وتسأل أن تسبح بهذه السبحة، فقد أنفذتها معي، وكان يكلم عميد الملك وهو يفسره، واعتذر عن تأخره عن الورود إلى الحضرة الشريفة واستخلاص المهجة الكريمة بما كان من [عصيان] [١] أخيه/ إبراهيم، وقال: ٢٧/ ب كان من الأخوة الحسدة، وقد جرت له بالعصيان عوائد عفوت عنه فيها، فأطمعه ذلك، فلما عاد فعله بالضرر على أمير المؤمنين والدين والدولة العباسية خنقته بوتر قوسه، وشفع ذلك وفاة الأخ الأكبر داود، فأحوجني الأمر إلى [ترتيب حتى] [٢] رتبت أولاده مكانه، فلم يمكن أن اصمد لهذه الخدمة، ثم أعددت لأصل إلى الحديثة، وأخدم المهجة الشريفة، فوصل إلى الخبر بما كان من تفضل الله تعالى في خلاصها وخدمة هذا الرجل- يعني مهارشا- بما أبان عن صحيح ديانته، وصادق عقيدته، وأنا إن شاء الله امضي وراء هذا الكلب- يعني البساسيري- واقتنصه وأيمم إلى الشام، وأفعل بصاحب مصر فيها ما يكون جزاء لفعل البساسيري هاهنا.

فدعا له الخليفة وشكره وقلده بيده سيفا كان إلى جنبه، وقال: إنه لم يسلم مع أمير المؤمنين وقت خروجه غير هذا السيف، وقد تبرك به، وشرفك بتقليده. فتقلده وقبل الأرض، ونهض واستأذن للعسكر فأذن، فدخل الأتراك من جوانب السرادق، وكشفت أغطية الخركاه المضروبة على الخليفة حتى شاهدوه وخدموه وانصرفوا، ووقع المسير من غد والدخول إلى بغداد.

وتقدم الخليفة بضرب خيمة في معسكر السلطان وقال: أريد أن أكون معه إلى أن يكفي الله من أمر هذا اللعين، فما تأمن الخدمة الشريفة المقام في مكان لا يكون فيه.


[١] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[٢] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>