للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نوبته، وكتب السلطان إلى الخليفة يشكو منه، فصادف ذلك ضجرا من الخليفة من أفعاله التي تصدر عن قلة رغبة في الخدمة، فعزله وكان يكسر أعراض الديوان والعسكر متابعة للشرع، حتى إنه لما فتحت سمرقند على يدي ملك شاه جاء البشير/ فخلع عليه ١٤١/ أفقال: وأي بشارة هذه، كأنه قد فتح بلدا من بلاد الكفر، وهل هم إلا قوم مسلمون استبيح منهم ما لا يستباح من المسلمين. فبلغ هذا السلطان مع ما في قلب الخليفة فعزله وهو في الديوان، فانصرف إلى داره على حالته مع حواشيه، وأنشد حينئذ:

تولاها وليس له عدو ... وفارقها وليس له صديق

فلما كان يوم الجمعة عاشر الشهر: خرج إلى الجامع من داره بباب المراتب ماشيا متلفعا بمنديل من قطن مع جماعة من العلماء والزهاد، فعظمت العامة ذلك وشنعوا، وقال الأعداء: إنما قصد الشناعة، فأنكر عليه أشد الإنكار، وألزم منزله، وأخذ الجماعة الذين مشوا معه فأهينوا، ثم وردت كتب النظام بأن يخرج من بغداد فأخرج إلى در أورد وهو موطنه قديما، فأقام هناك مدة، ثم استأذن في الحج فأذن له، فجاء إلى النيل فأقام بها، فلم تطب له لكثرة منكرها، فمضى [١] إلى مشهد علي عليه السلام، ثم سافر إلى مكة، فلما أراد الخروج إلى مكة صلحت له نية نظام الملك، فبعث إليه يقول: أنا أسألك أن أكون عديلك، وكان النظام قد استعد ذلك، لكن لم يقدر له، فقال للرسول:

تخدم عنى وتقول منذ أطبق دواتي أمير المؤمنين لم أفتحها، ولولا ذلك لكتبت الجواب، وأنا أعادل بالدعاء، وناب ابن الموصلايا، ولقب: أمين الدولة، وخلع عليه، وتقدم إلى أبي محمد التميمي، ويمن الخادم بالخروج إلى باب السلطان لاستدعاء أبي ١٤١/ ب منصور بن جهير، وتقرير وزارته.

وفي خامس عشرين رمضان: رضي الخليفة عن أبي بكر الشامي قاضي القضاة، وخرج إليه توقيع يأمره فيه بالإغضاء عما كان من الشهود والوكلاء في حقه، كانوا قد بالغوا في عداوته، وخرج الشهود في صحبته لتلقي السلطان مع ابن الموصلايا، ومعه فتيت لإفطاره، ولم يقبل من أحد شيئا [٢] .


[١] في الأصل: «فجاء إلى مشهد»
[٢] في ص: «ولم يقبل ما يحمل إليه»

<<  <  ج: ص:  >  >>