للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسفل واسط من قرية تعرف بالحدادية [١] ، مقطعة لخمارتكين الحلبي، صادرنا على ألف وستمائة دينار، وكسر ثنيتي أحدنا والثنيتان بيده، وقد قصدناك أيها الملك لتقتص لنا منه، فقد شاع من عدلك ما حملنا على قصدك، فإن أخذت بحقنا كما أوجب الله عليك وإلا فاللَّه الحاكم بالعدل بيننا. وفسر على السلطان ما قالاه. قَالَ عبد السميع:

فشاهدت السلطان وقد نزل عن فرسه وقال: ليمسك كل واحد منكما بطرف كمي واسحباني إلى دار حسن هو نظام الملك [فأفزعهما] [٢] ذلك، ولم يقدما عليه، فأقسم عليهما إلا فعلا، فأخذ كل واحد منهما بطرف كمه وسارا به إلى باب النظام، فبلغه الخبر، فخرج مسرعا وقبل الأرض بين يديه وقال أيها السلطان المعظم، ما حملك على هذا؟ فقال: كيف يكون حالي غدا بين يدي الله [٣] إذا طولبت بحقوق المسلمين وقد قلدتك هذا الأمر لتكفيني مثل هذا الموقف، فان تطرق على الرعية ثلم لم يتطرق إلا بك وأنت المطالب، فانظر بين يديك، فقبل/ الأرض وسار في خدمته، وعاد من وقته، فكتب بعزل خمارتكين وحل إقطاعه، ورد المال إليها [٤] وقلع ثنيتيه إن ثبت عليه البينة، ووصلهما بمائة دينار، وعادا من وقتهما.

واستحضر ملك شاه مغنية مستحسنة بالري فأعجبته بغنائها واستطابه، فتاقت نفسه إليها فقالت له: يا سلطان، إني أغار على هذا الوجه الجميل أن يعذب بالنار وإن بين الحلال والحرام كلمة. فقال: صدقت. واستدعى القاضي فزوجه إياها وكان هذا السلطان قد أفسد عقيدته الباطنية، ثم رجع إلى الصلاح.

قَالَ المصنف: نقلت من خط ابن عقيل قَالَ: كان الجرجاني الواعظ مختصا بجلال الدولة فاستسرني أن الملك قد أفسده الباطنية، فصار يقول لي: أيش هو الله؟

وإلى ما تشيرون بقولكم الله؟ فبهت وأردت جوابا حسنا فكتبت: اعلم أيها الملك أن هؤلاء العوام والجهال يطلبون الله من طريق الحواس، فإذا فقدوه جحدوه، وهذا لا يحسن بأرباب العقول الصحيحة، وذلك أن لنا موجودات ما نالها الحس، ولم يجحدها العقل، ولم يمكننا جحدها لقيام دلالة العقل على إثباتها، فان قَالَ لك أحد من هؤلاء:


[١] «تعرف بالحدادية» سقطت من ص، ت.
[٢] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[٣] في ص: «عند الله»
[٤] في ص: «ورد المال عليهما وقال: وقلع ... »

<<  <  ج: ص:  >  >>