للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفروع التي انفرد بحسن وضعها وترتيبها وتحقيق الكلام فيها، حتى أنه صنف في حياة أستاذه الجويني، فنظر الجويني في كتابه المسمى «بالمنخول» ، فقال له: دفنتي وأنا حي هلا صبرت حتى أموت؟ وأراد أن كتابك قد غطى على كتابي، ووقع له القبول من نظام الملك، فرسم له التدريس بمدرسته ببغداد، فدخل بغداد في سنة أربع وثمانين ودرس بها وحضره الأئمة الكبار كابن عقيل وأبي الخطاب، وتعجبوا من كلامه واعتقدوه فائدة، ونقلوا كلامه في مصنفاتهم، ثم إنه ترك التدريس والرئاسة، ولبس الخام الغليظ، ولازم الصوم، وكان لا يأكل إلا من أجرة النسخ، وحج وعاد ثم رحل إلى الشام، وأقام ببيت المقدس ودمشق مدة يطوف المشاهد، وأخذ في تصنيف كتاب «الإحياء» في القدس، ثم أتمه بدمشق إلا أنه وضعه على مذهب الصوفية، وترك فيه قانون الفقه، مثل أنه ذكر في محو الجاه، ومجاهدة النفس أن رجلا أراد محو جاهه فدخل الحمام فلبس ثياب غيره ثم لبس ثيابه فوقها، ثم خرج يمشي على مهل حتى لحقوه فأخذوها منه وسمي سارق الحمام.

وذكر مثل هذا على سبيل التعليم للمريدين قبيح لأن الفقه يحكم بقبح هذا، فإنه متى كان للحمام حافظ وسرق سارق قطع، ثم لا يحل لمسلم أن يتعرض لأمر يأثم الناس به في حقه.

وذكر أن رجلا اشترى لحما فرأى نفسه تستحيي من حمله إلى بيته فعلقه في عنقه ومشى.

وهذا في غاية القبح/ ومثله كثير ليس هذا موضعه. ٤٨/ أوقد جمعت أغلاط الكتاب وسميته «إعلام الإحياء بأغلاط الإحياء» [١] وأشرت إلى بعض ذلك في كتابي المسمى «بتلبيس إبليس» مثل ما ذكر في كتاب النكاح أن عائشة رضي الله عنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: أنت الذي تزعم أنك رسول الله، وهذا محال، وإنما كان سبب إعراضه فيما وضعه عن مقتضى الفقه أنه صحب الصوفية فرأى حالتهم الغاية، وقال: إني أخذت الطريقة من أبي علي الفارمذي، وامتثلت ما كان يشير به من


[١] في ص: «وسميته أغلاط الإحياء بأغلاظ الأحياء» .

<<  <  ج: ص:  >  >>