للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وظائف العبادات واستدامة الذكر إلى أن جزت تلك العقابت وتكلفت تلك المشاق وما حصلت ما كنت أطلبه.

ثم أنه نظر في كتاب أبي طالب المكي وكلام المتصوفة القدماء فاجتذبه ذلك بمرة عما يوجبه الفقه، وذكر في كتاب الإحياء من الأحاديث الموضوعة وما لا يصح غير قليل، وسبب ذلك قلة معرفته بالنقل، فليته عرض تلك الأحاديث على من يعرف، وإنما نقل نقل حاطب ليل.

وكان قد صنف للمستظهر كتابا في الرد على الباطنية، وذكر في آخر مواعظ الخلفاء، فقال: روي أن سليمان بن عبد الملك بعث إلى أبي حازم ابعث إلى من إفطارك، فبعث إليه نخالة مقلوة، فبقي سليمان ثلاثة أيام لا يأكل، ثم أفطر عليها، وجامع زوجته فجاءت بعبد العزيز، فلما بلغ ولد له عمر بن عبد العزيز.

وهذا من أقبح الأشياء، لأن عمر ابن عم سليمان، وهو الذي ولاه فقد جعله ابن ابنه، فما هذا حديث من يعرف من النقل شيئا أصلا.

وكان بعض الناس شغف بكتاب الإحياء فاعلمته بعيوبه، ثم كتبته له فأسقطت ما ٤٨/ ب يصلح إسقاطه/ وزدت ما [يصلح أن] [١] يزاد.

ثم أن أبا حامد عاد إلى وطنه مشتغلا بتعبده، فلما صار الوزارة إلى فخر الملك أحضره وسمع كلامه وألزمه بالخروج إلى نيسابور، فخرج ودرس، ثم عاد إلى وطنه واتخذ في جواره مدرسة ورباطا للصوفية [٢] ، وبنى دارا حسنة، وغرس فيها بستانا، وتشاغل بحفظ القرآن وسمع الصحاح.

سمعت إِسْمَاعِيل بن علي الموصلي الواعظ يحكى عن أبي منصور الرزاز الفقيه، قال: دخل أبو حامد بغداد فقومنا ملبوسه ومركوبة خمسمائة دينار، فلما تزهد وسافر وعاد إلى بغداد فقومنا ملبوسه خمسة عشر قيراطا.

وحدثني بعض الفقهاء، عن أنوشروان- وكان قد وزر للخليفة-، أنه زار أبا حامد


[١] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[٢] في ص: «ورباطأ للمتصوفة» .

<<  <  ج: ص:  >  >>