للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان قد تقدم إليه المستظهر بسماع قول بعض الناس فلم يره أهلا لذلك، فلم يسمع قوله وحدثني أبو البركات [١] بن الجلاء الأمين، قال: حضر أبو الحسن الدامغاني وجماعة أهل الموكب باب الحجرة، فخرج الخادم فَقَالَ: انصرفوا إلا قاضي القضاة، ٧١/ أفلما انصرفوا قال له الخادم: [٢] إن أمير المؤمنين/ يحب يسمع كلامك، يقول لك:

أنحن نحكمك أم أنت تحكمنا؟ قال: فقال: كيف يقال لي هذا وأنا بحكم أمير المؤمنين؟ فقال: أليس يتقدم إليك بقبول قول شخص فلا تفعل؟ قال: فبكى ثم قال [لأمير المؤمنين [٣]] : يا أمير المؤمنين إذا كان يوم القيامة جيء بديوان ديوان فسئلت عنه، فإذا جيء بديوان القضاء كفاك أن تقول وليته لذاك المدبر ابن الدامغاني فتسلم أنت وأقع أنا، قال: فبكى الخليفة، وقال: أفعل ما تريد.

وقد روى رفيقنا أبو سعد السمعاني، قال: سمعت أبا الحسن علي بن أحمد الأزدي يقول: دخل أبو بكر الشاشي على قاضي القضاة الدامغاني زائرا له فما قام قاضي القضاة، فرجع الشاشي وما قعد، وكان ذلك في سنة نيف وثمانين، فما اجتمعا إلّا بعد سنة خمسمائة في عزاء لابن الفقيه، فسبق الشاشي فجلس، فلما دخل الدامغاني قام الكل إلا الشاشي [٤] فإنه ما تزحزح، فكتب قاضي القضاة إلى المستظهر يشكو من الشاشي أنه ما احترم حرمة نائب الشرع، فكتب المستظهر: ماذا أقول له، أكبر منك سنا وأفضل منك وأورع منك، لو قمت له كان يقوم لك، وكتب الشاشي إلى المستظهر، يقول: فعل في حقي وصنع ووضع مرتبة العلم والشيوخة، وكتب في أثناء القصة:

حجاب وإعجاب وفرط تصلف [٥] ... ومد يد نحو العلا بتكلف

فلو كان هذا من وراء كفاية ... لهان ولكن من وراء تخلف

فكتب المستظهر في قصته: يمشي الشاشي إلى الدامغانيّ ويعتذر، فمضى


[١] في ص: «فلم يسمع قوله وسمع أبا البركات» .
[٢] «فقال: انصرفوا إلا قاضي ... قال له الخادم» : هذه العبارة ساقطة من ص، ط.
[٣] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[٤] في ص: «قام الكل سوى الشاشي» .
[٥] في الأصل: «وفرط تكلف» .

<<  <  ج: ص:  >  >>