امتثالا للمراسم، وكنا معه، فقام له الدامغاني قياما تاما، وعانقه واعتذر إليه، وجلسا طويلا يتحدثان، وكان القاضي يقول: تكلم والدي في المسألة الفلانية واعترض عليه فلان، وتكلم فلان في/ مسألة كذا وكذا واعترض عليه والدي إلى أن ذكر عدة مسائل، / ٧١/ ب فقال له الشاشي: ما أجود ما قد حفظت أسماء المسائل.
قال المصنف رحمه الله: وكان أبو الحسن ابن الدامغاني قصر أيضا في حق أبي الوفاء ابن عقيل، فكتب ابن عقيل إليه ما قرأته بخطه: «مكاتبة سنح بها الخاطر لتوصل إلى أبي الحسن الدامغاني قاضي القضاة يتضمن تنبيها له على خلال قد سولت له نفسه استعمالها، فهدت من مجد منصبه ما لا يتلافاه على طول الوقت في مستقبل عمره، لما خمره في نفوس العقلاء من ضعف رأيه وسوء خلقه الذي لم يوفق لعلاجه [١] ، وكان مستعملا نعمة الله تعالى في مداواة نقائصه. ومن عذيري ممن نشأ في ظل والد مشفق عليه قد حلب الدهر شطريه وأتلف في طلب العلم أطيبيه، أجمع أهل عصره على كمال عقله كما اجتمع العلماء على غزارة علمه، اتفق تقدمه في نصبه القضاء بالدولة التركمانية والتركية المعظمة لمذهبه، وفي عصره من هو أفضل منه بفنون من الفضل.
كأبي الطيب الطبري، وأخلق بالرياسة كالماوردي، وأبي إسحاق الفيروزآبادي، وابن الصباغ، فقدمه الزمان على أمثاله، ومن يربي عليه في الفضل والأصل فكان أشكر الناس لنعمة الله، فاصطنع من دونه من العلماء، وأكرم من فوقه من الفقهاء حتى أراه الله في نفسه فوق ما تمناه من ربه، وغشاه من السعادة ما لم يخطر بباله، حيث رأى أبا الطيب الطبري نظير أستاده الصيمري بين يديه شاهدا، وله في مواكب الديوان مانعا، / وتعجرف عليه أبو محمد التميمي فكان يتلافاه بجهده، ويأبى إلا إكرامه ويغشاه في تهنئة ٧٢/ أوتعزية، حتى عرض عليه القائم الوزارة فأبى تعديه رتبة القضاء، فلما ولي ولده سلك طريقة عجيبة خرج بها عن سمت أبيه، فقدم أولاد السوقة، وحرم أولاد العلماء حقوقهم، وقبل شهادة أرباب المهن، وانتصب قائما للفساق الذين شهد بفسقهم لباسهم الحرير والذهب، ومنع أن يحكم ألا برأي أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وصاح في مجلسه بأعلى صوته أنه لم يبق في الأرض مجتهد، وهو لا يعلم ما تحت هذا الكلام من