الفساد، وهو إخراج عن الإجماع الذي هو آكد أدلة الشرع، وليس لنا دليل معصوم سواه، جعله الله في هذه الشريعة خلف النبوة حيث كان نبيها خاتم الأنبياء لا يخلفه نبي، فجعل اجتماع أمته بدلا من نبوة بعد نبوة، وقد علم أن المقدم عليه نقيب النقباء تقدم مميز، وترك النظر صفحا، وتعاطى أن لا يخاطب أحدا بما يقتضيه حاله من شيوخه أو علم أو نسب الآباء فعاد ممقوتا إلى القلوب، وأهمله من لا حاجة إليه له، أصلحه الله لنفسه فما أغنانا عنه» .
وكتب ابن عقيل يوبخه أيضا على تقصير في حقه «من عذيري ممن خص بولاية الأحكام وقضاء القضاة والحكم في جميع بلاد الإسلام، فكان أحق الناس بالإنصاف، والإنصاف لا يختص بأحكام الشرع بل حقوق الناس التي توجبها قوانين السياسة وآداب الرئاسة مما يقتضي إعطاء كل ذي حق حقه، ويجب أن يكون هو المعيار لمقادير الناس لا سيما أهل العلم الذي هو صاحب/ منصبهم، ونراه على استمرار عادته يعظم الأعاجم الواردين من الخراسانية تعظيما باللفظ وبالنهوض لهم، وينفخ فيهم بالمدح حال حضورهم ثقة بالسماع، والحكاية عنهم، وبطل الثناء بعد خروجهم فيحشمهم ذلك في نفوس من لا يعرفهم، ويتقاعد عند علماء بلده ومشيخة دار السلام الذين قد انكشفت له علومهم على طول الزمان، ويقصر بأولاد الموتى منهم مع معرفته بمقادير أسلافهم والناس يتلمحون أفعاله، وأكثر من يخصهم بالتعظيم لا يتعدون هذه المسائل الطبوليات، ليس عندهم من الروايات والفروعيات خبر، مفلوسون من أصول الفقه والدين، لا يعتمدون إلا على الألقاب الفارغة، وإذا لم يسلك إعطاء كل ذي حق حقه لم يطعن ذلك في المحروم بل في الحارم، أما من جهة قصور العلم بالموازنة، أو من طريق اعتماد الحرمان لأرباب الحقوق، وذاك البخس البحت، والظلم الصرف، وذلك يعرض بأسباب التهمة في التعديل فيما سوى هذا القبيل، ولا وجه لقول متمكن من منصبه: لا أبالي، فقد بالي من هو أكبر منصبا، فقال عليه السلام: «لولا أن يقال أن محمدا نقض الكعبة لأعدتها إلى قواعد إبراهيم» فتوقى أن يقول الذين قتلهم وكسر أصنامهم، وهذا عمر يقول:«لولا أن يقال أن عمر زاد في كتاب الله لكتبت آية الرجم في حاشية المصحف» . ومن فقهه قال: في حاشية المصحف، لأن وضع الآي كأصل الآي، لا