للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: ان حال ابن مزيد قد عظمت، وقد قلت فكرته في أصحابك، وقد استبد بالأموال، وأهمل الحقوق ولو نفذت بعض أصحابك ملكته، ووصلت إلى أموال كثيرة عظيمة، وطهرت الأرض من أدناسه فإنه لا يسمع ببلده أذان ولا قرآن وهذه المحاضر باعتقاده والفتاوى بما يجب عليه وهذا سرخاب قد لجأ إليه وهو على رأيه في بدعته التي هي مذهب الباطنية، وكان قد اتفقا على قلب الدولة وإظهار مذهب الباطنية، [١] وكان السلطان قد تغير على سرخاب، فهرب منه إلى الحلة فتلقاه بالإكرام فراسله السلطان وطالبه بتسليمه [٢] ، فقال: لا أفعل ولا أسلم من لجأ إلى، ثم قال لأولاده وأصحابه بهذا الرجل الّذي قد لجأ إلينا تخرب بيوتنا وتبلغ الأعداء منا المراد، وكان كما قال، فإن السلطان قصده فاستشار أولاده، فقال دبيس: هذا الصواب أن تسلم إلى مائة ألف دينار وتأذن لي في الدخول إلى الاصطبلات، فأختار منها ثلاثمائة فرس وتجرد معي ثلاثمائة فارس فاني أقصد باب السلطان وأعتذر عنك وأزيل ما قد ثبت في نفسه منك، وأخدمه بالمال والخيل، وأقرر معه أن لا يتعرض بأرضك، فقال بعض الخواص: الصواب أن لا تصانع من تغيرت فيك نيته، وإنما ترد بهذه الأموال من يقصدنا، فقال صدقة: هذا هو الرأي، فجمع عشرين ألفا من الفرسان، وثلاثين ألفا من الرجالة، وجرت الوقعة على ما سبق في كتابنا في/ حوادث تلك السنة، وذكرنا أن الخليفة بعث إلى صدقة ليصلح ما ٨٧/ ب بينه وبين السلطان فأذعن ثم بدا له، وقد ذكرنا مقتله.

ثم نشأ له دبيس هذا ففعل القبائح، ولقي الناس منه فنون الأذى، وبشؤمه بطل الحج في هذه السنة لأنه كان قد وقعت وقعة بينه وبين أصحابه وأهل واسط، فأسر فيها مهلهل الكردي، وقتل فيها جماعة، ونفد المسترشد إليه يحذره من إراقة الدماء، [٣] ويأمره بالاقتصار على ما كان لجده من البلاد، ويشعره بخروجه إليه إن لم يكف، فزاد في طغيانه وتواعد وأرعد، وأقبلت طلائعه فانزعج أهل بغداد، فلما كانت بكرة الثلاثاء ثالث شوال صلب البرسقي تسعة أنفس، ذكر أنهم من أهل حلب والشام، وأن دبيس بن


[١] «وكان ... وإظهار مذهب الباطنية» : العبارة ساقطة من ص.
[٢] في الأصل: «وطالبه التسلم له» .
[٣] في ط: «ونفذ المسترشد إليه ينذره من اراقة الدماء» .

<<  <  ج: ص:  >  >>