للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

برنقش الخادم إلى السلطان محمود يشكو من استيلاء الخليفة على ما ذكرنا في السنة قبلها فأوغر صدره على دخول بغداد وحقق في نفسه أن الخليفة مع خروجه ومباشرته الحرب بنفسه لا يقعد ولا يمكن أحدا من دخول بغداد من أصحاب السلطان من شحنة وعميد، فتوجه السلطان إلى بغداد، فلما سمع الخليفة نفذ إليه رسولا وكتابا إلى وزيره يأمر برد السلطان عن التوجه، فأبى وأجاب بجواب ثقل سماعه على الخليفة، فشرع الخليفة في عمل المضارب واعتداد السلاح وجمع العساكر، ونودي ببغداد يوم السبت عاشر ذي القعدة بعبور الناس إلى الجانب الغربي، وتقدم بإخراج سرادقه إلى ظاهر الحلبة [١] ، وانزعج الناس وعبروا إلى الجانب الغربي فكثر الزحام على المعابر والسفن، وبلغ أجرة الدار بالجانب الغربي ستة دنانير وخمسة، وتأذوا غاية التأذي [٢] ، فلما اطمأن الناس وسكنوا بدار الخليفة من القتال، وقال: أخلى البلد عليه [٣] ، وأخرج وأحقن دماء المسلمين، فنودي بالعبور إلى الجانب الشرقي فعبروا وحمل سرادق الخليفة إلى الجانب الغربي، فضرب تحت الرقة.

وتواتر مجيء الأمطار ودام الرعد والبرق ثلاثة أيام، وكادت الدور تغرق، وانهدم بعضها وعبرت الرايات والأعلام.

ثم خرج المسترشد من داره رابع عشرين ذي القعدة من باب الغربة وعبر في ٩٩/ أالزبزب، وصعد إلى مضاربه، فلما عرف السلطان ذلك بعث برنقش الزكوي، / وأسعد الطغرائي فدخلا بغداد ومضيا إلى السرادق فجلسا على بابه زمانا إلى أن أذن لهما، وقد جلس لهما الخليفة على سريره فقبلا الأرض، وأديا رسالة السلطان وامتعاضه من انزعاج أمير المؤمنين، ثم خشنا في آخر الرسالة، وقال الخليفة: أنا أقول له يجب أن تتأخر في هذه السنة عن العراق فلا تقبل ما بيني وبينك إلّا السيف، ثم قال لبرنقش: أنت كنت السبب في مجيئه، وأنت فسدت قلبه، ثم هم بقتله فمنعه الوزير وقال: هو رسول، وكتب الجواب وبعثه معهما فخرجا إلى السلطان وهو بقر ميسين، وقد توجه إلى المرج


[١] في الأصل: «بإخراج سرادقه إلى دار الحلبة» .
[٢] في الأصل: «وتأذوا غاية الأذية» .
[٣] في الأصل: «وقال: أخلى الدار عليه» .

<<  <  ج: ص:  >  >>