للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاهلة بمعادها أو هي عصية [١] عن استعدادها، هيهات هيهات كم اخترمت المنية قبلكم، وساقت إلى الأرماس من كان أشد منكم ومثلكم، سلبتهم أرواحهم وقطعتهم أفراحهم ولم تخف جيوشهم ولا سلاحهم طالما أفنت أمما واستزلت قدما، وأمطرت ١٠٠/ أعليهم من الفناء ديما، ورمتهم من البلاء أسهما/ وحرمتهم من الآمال مغنما، وحملتهم من الأثقال مغرما، [٢] ولم تراع فيهم محرما ذلوا بعد أن عزوا في دنياهم، وسادوا وجروا الجيوش إلى الأعداء وقادوا فعاد مطلقهم مأسورا وقائدهم بالشقاوة مقهورا، [٣] قد عدموا نورا وسرورا فيا أسفا لهم ضيعوا زمنا وما اكتسبوا حسنا، كيف بهم إذا نشرت الأمم وأعيدت إلى الحياة الرمم، ونزل بذي الذنوب الألم، وظهر من أهل التقصير الأسف والندم، ذلك يوم لا يرحم فيه من شكا، ولا يعذر من بكى، ولا يجد الظالم لنفسه مسلكا، يوم يشتد فيه الفراق ويتزايد فيه القلق، وتثقل على أهلها الأوزار، وتلفح وجوه العصاة النار، وتذهل المرضعات، وتعظم التبعات، وتظهر الآيات، وتكاشف البليات، ولا يقال فيه من ندم، ولا ينجو من عذاب الله إلا من رحم، واعلموا عباد الله أن يومكم هذا يوم شرفه الله بتشريفه القديم، وابتلى فيه خليله إبراهيم بذبح ولده إِسْمَاعِيل، [وفداه بذبح عظيم] [٤] ، وسن فيه النحر وجعله شعارا للسنة إلى آخر الدهر: «لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى مَا هَداكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ» ٢٢: ٣٧ [٥] البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة، والجذع من الضأن، والثني من المعز عن واحد «فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» ٢٢: ٣٦ [٦] .

ثم جلس بين الخطبتين، ثم قام إلى الثانية فحمد الله وكبر، وصلى [٧] على النبي صلى الله عليه وآله


[١] في ص، ط: «بمعادها أو هي عفية» .
[٢] في ص، ط: «وحملتهم من الأنفال مغرما» .
[٣] في ط: «وقائدهم بالشقاوة مشهورا» .
[٤] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[٥] سورة: الحج، الآية: ٣٧.
[٦] سورة: الحج، الآية: ٣٦.
[٧] في الأصل: فحمد الله وكبر بين الخطبتين» .

<<  <  ج: ص:  >  >>