للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما كان يوم عيد الفطر نفر أهل بغداد ووثبوا على الخطيب وكسروا المنبر والشباك ومنعوا من الخطبة، وخرجوا إلى الأسواق يحثون على رءوسهم التراب ويبكون ويصرخون، فاقتتل أصحاب الشحنة والعوام، وخرج النساء حاسرات يندبن في الأسواق وتحت التاج، وكان الشحنة قد عزم أن يجوز في الأسواق، فاجتمع العوام على رجمه وهاشوا فاقتتل أصحاب الشحنة والعوام، فقتل من العوام مائة وثلاثة وخمسون، وهرب أبو الكرم الوالي، وحاجب الباب إلى دار خاتون، ورمى أصحاب الشحنة الأبواب الحديد التي على السور، وفتحوا فيه فتحات، وأشرفت بغداد على النهب، فنادى ١٣٠/ أالشحنة: لا ينزل أحد في دار أحد ولا يؤخذ من أحد شيء، / وإنما جئنا لنصلح، وأن السلطان سائر إلى العراق بين يدي أمير المؤمنين وعلى كتفه الغاشية، فسكن الناس وطلب السلطان من أمير المؤمنين نظر الخادم فانفذ فأطلقه وبعثه إليه، واختلف الأراجيف، فقوم يقولون: إن السلطان ينتظر جواب عمه سنجر، وقوم يقولون: يصل عن قليل، وقوم يقولون: ان داود قد عزم على قتال مسعود واستنقاذ الخليفة منه فسار مسعود إلى داود إلى باب مراغة واخذ الخليفة معه.

وزلزلت بغداد مرارا لا أحصيها، وكان مبتدأ الزلازل يوم الخميس حادي عشر شوال، فزلزلت يومئذ ست مرات ودامت كل يوم خمس مرات أو ست مرات إلى ليلة الجمعة سابع عشرين شوال، ثم ارتجت يوم الثلاثاء النصف من الليل حتى تفرقعت السقوف، وانتثرت الحيطان، وكنت في ذلك الزمان صبيا، وكان نومي ثقيلا لا انتبه إلا بعد الانتباه الكثير فارتج السقف تحتي وكنت نائما في السطح رجة شديدة حتى انتبهت منزعجا، ولم تزل الأرض تميد من نصف الليل إلى الفجر والناس يستغيثون.

ثم إن الشحنة والعميد عطلا دار الضرب وعملا دار ضرب عندهم بسوق العميد ودار الشحنة، وقبضوا على ابن طوق عامل الجاولي ونفذوا إلى ابن الحاجب ضامن [١] العقار، فقالوا: تجبي العقار وتسلمه إلينا، وقبضوا على ابن الصائغ متولي التركات الحشرية، وقالوا: نريد ما حصل عندك من التركات، وعوقوا قرى ولي العهد وختموا على غلاتها. فأفتك ذلك منهم بستمائة دينار حتى أطلقوها، وجاء تمر كثير للخليفة فبيع


[١] في الأصل: «إلى ابن الحاسب ضامن» .

<<  <  ج: ص:  >  >>