للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأخذ العميد والشحنة الثمن، وتفاقم الأمر واستسلم الناس وانقطع خبر العسكر.

فلما كان يوم الثلاثاء مستهل/ ذي القعدة وصل خمسمائة وعشرون ركابيا ١٣٠/ ب معهم [١] خط أمير المؤمنين إلى ولي العهد بوصول رسول سنجر إلى مسعود يقول فيه:

«ساعة وقوف الولد العزيز غياث الدنيا والدين مسعود على هذا المكتوب يدخل على أمير المؤمنين أعز الله أنصاره ويقبل الأرض بين يديه ويقف ويسأله العفو عنه والصفح عن جرمه وإقدامه ويتنصل غاية التنصل، فإنه قد ظهرت عندنا من الآثار السمائية والأرضية ما لا طاقة لنا بسماع مثلها دون المشاهد من الرياح العواصف والبروق الخواطف وتزلزل الأرض ودوام ذلك عشرين يوما، وتشويش العساكر وانقلاب البلدان، ولقد خفت على نفسي من جانب الله تعالى وظهور آياته وجانب المخلوقين والعساكر وتغيرهم علي، وامتناع الناس من الصلاة في الجوامع، وكسر المنابر، ومنع الخطباء ما لا طاقة لي بحملها، فاللَّه الله تتلافي أمرك وتحقن دم المسلمين، وتعيد أمير المؤمنين إلى مستقر عزه، وتسلم إليه دبيسا ليرى فيه رأيه، فإنه هو الذي أحوج أمير المؤمنين إلى هذا وأحوجنا أيضا نحن إلى مثل هذا، وعجل ولا تتأخر وتعمل له البرك وتنصب له السرادق وتضرب له التخت وتحمل له الغاشية بين يديه أنت وجميع الأمراء كما جرت عادتنا وعادة آبائنا في خدمة هذا البيت» .

فلما وقف على هذا المكتوب نفذ بالوزير شرف الدين أنوشروان ومعه نظر، فاستأذنا له فأذن له فدخل وقبل الأرض بين يديه [ووقف [٢]] معتذرا متنصلا يسأل العفو والصفح عن جرمه، وأمير المؤمنين مطرق ساعة، ثم رفع رأسه فقال: قد عفي عن ذنبك فاسكن إلى ذلك وطب نفسا، وكان قد ضرب له السرادق فضرب له فيه سدة عالية/ ليجلس عليها، فقدم له فرسا لم يكن عند مسعود من خيل أمير المؤمنين اللاتي أخذت ١٣١/ أسواه، وأقسم أنني لم يصل عندي [٣] من خيل أمير المؤمنين سواه، وسأله الركوب إلى السرادق الذي قد ضرب له، فنهض وركب وسار وبين الموضعين نصف فرسخ ومسعود


[١] في الأصل: «وعشرون ركابي معهم» .
[٢] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل» .
[٣] في الأصل: «وأقسم إنني لم يحصل عندي» .

<<  <  ج: ص:  >  >>