للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مواضع وهدم فيها دور كثيرة وملأ السراديب وانتقل جماعة من الخدم إلى دور في الحريم وامتلأت الصحاري وعبر خلق كثير إلى الكرخ وتقطر السور وانفتحت فيه فتحات وكان الناس يعالجون الفتحة فإذا سدوها انفتحت أخرى وكثر الضجيج والدعاء والابتهال إلى الله سبحانه وتعالى وغلا الخبر وفقد الشوك وأخذ أصحاب السلطان يقاوون القورج ويجتهدون في سده وأقاموا القنا وفي أسافله الحديد في الماء ونقلوا حطبا زائدا عن الحد والماء يغلبهم على جميع ذلك [١] / إلى أن سده سكار [٢] حاذق في سابع شوال. ١٠٣/ أواسكر جانب السور لئلا يتمقطر وأقام الماء خلف السور نحوا من شهر ونصب على الخندق الذي خلف السور جسر يعبر الناس عليه من القرى إلى بغداد.

وجاءت في هذه الأيام أكلاك من الموصل فتاهت في الماء حتى بيع ما عليها ببعقوبا بثمن طفيف وأخبر أهلها بما تهدم من المنازل بالأمطار في الموصل وقالوا اتصلت عندنا الأمطار أربعة أشهر فهدمت نحو ألفي دار وكانوا يهدمون الدار إذا خيف وقوعها فهدموا أكثر مما هدم المطر وكانت الدار تقع على ساكنيها فيهلك الكل ثم زادت الفرات زيادة كثيرة وفاضت على سكر عندها يقال له سكر قنين وجاء الماء فأهلك من القرى والمزارع الكثير ثم جاء إلى الجانب الغربي من نهر عيسى والصراة وأسكر أهل دار القز وأهل العتابيين [٣] وباب البصرة والكرخ وباتوا مدة على التلال يحفظون المحال وقد انبسط الماء فراسخ ومر خلف المحال فقلب في الخندق والصراة ونهر عيسى ورمى قطعة من قنطرة باب البصرة.

ومن العجائب أن هذا الماء على هذه الصفة ودجيل قد هلكت مزارعه بالعطش ووقع الموتان في الغنم وكان ما يؤتى به سليما يكون مطعونا حتى بيع الحمل بقيراط ومرض الناس من أكلها ثم غلت الفواكه فبيع كل من من التفاح بنصف دانق وكذلك الكمثرى والخوخ حتى غلا الطين الذي يؤخذ من المقالع وبلغ الآجر كل ألف/ بثلاثة ١٠٣/ أدنانير ونصف.


[١] «على جميع ذلك» سقطت من ص، ت.
[٢] في الأصل: «شدة شكار» .
[٣] في الأصل: «أهل العباس» .

<<  <  ج: ص:  >  >>