لمصارعكم في ثلاث، ثم مثل به بعيره على رأس أبي قبيس، فصرخ بمثلها، ثم أخذ صخرة فأرسلها، فأقبلت تهوي حتى إذا كانت بأسفل الجبل ارفضت، فما بقي بيت من بيوت مكة ولا دار من دورها إلا دخلت منها فلقة.
فقال لها العباس: اكتميها. ثم لقي الوليد بن عتبة- وكان صديقا له- فذكرها له واستكتمه، فذكرها الوليد لأبيه عتبة، ففشا الحديث حتى تحدثت به قريش.
فقال العباس: فلقيني أبو جهل فقال: يا أبا الفضل، متى حدثت فيكم هذه النبية؟
قلت: وما ذاك؟ قال: الرؤيا التي رأت عاتكة. قلت: وما رأت؟ قال: يا بني عبد المطلب، أما رضيتم أن تتنبى رجالكم حتى تتنبى نساؤكم؟! وقد زعمت عاتكة أنه قال: انفروا في ثلاث فنتربص بكم هذه الثلاث، فإن يكن ما قالت حقا فسيكون، وإن مضى الثلاث، ولم يكن من ذلك شيء فنكتب عليكم كتابا أنكم أكذب أهل بيت في العرب.
قال العباس: فجحدت ذلك وأنكرت أن تكون رأت شيئا، ثم تفرقنا، فلما أمسيت لم تبق امرأة من بني عبد المطلب إلا أتتني فقالت: أقررتم لهذا الفاسق الخبيث أن يقع في رجالكم، ثم قد تناول النساء وأنت تسمع، ثم لم يكن عندك غيرة لما قد سمعت؟
فقلت: قد والله فعلت ذَلكَ، وأيم الله لأتعرضن له، فإن عاد لأكفيتكموه.
قال: فغدوت في اليوم الثالث من رؤيا عاتكة، وأنا مغضب أرى أن قد فاتني منه أمر أحبّ أن أدركه، فدخلت المسجد فرأيته، فو الله إني لأمشي نحوه أتعرض له ليعود لبعض ما قال، فأقع فيه، إذ خرج نحو باب المسجد/ يشتد، فقلت في نفسي: ما له لعنه الله؟ أكل هذا فرقا من أن أشاتمه، وإذا هو قد سمع ما لم أسمع: صوت ضمضم بن عمرو الغفاري وهو يصرخ ببطن الوادي واقفا على بعيره قد جدع بعيره، وشق قميصه، وهو يقول: يا معشر قريش، اللطيمة اللطيمة، أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد وأصحابه، لا أرى أن تدركوها، الغوث الغوث.
قال: فشغلني عنه، وشغله عني ما جاء من الأمر، فتجهز الناس سراعا وقالوا:
يظن محمد وأصحابه أن تكون كعير ابن الحضرمي؟ كلا والله ليعلمن غير ذلك.
وكانوا بين رجلين: إما خارج، وإما باعث مكانه رجلا، وأوعبت قريش ولم