للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم أدنى بدر عشاء ليلة الجمعة لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان.

فخرج الأسود [١] بن/ عبد الأسد المخزومي، فقال: أعاهد الله لأشربن من حوضهم، ولأهدمنه، أو لأموتن دونه. فلما خرج خرج له حمزة بن عبد المطلب، فضربه في ساقه فوقع على ظهره تشخب رجله دما، ثم حبا إلى الحوض حتى اقتحم، يريد أن يبر يمينه، وأتبعه حمزة فضربه حتى قتله.

ثم خرج بعده عتبة وأخوه شيبة، وابنه الوليد، فدعا إلى المبارزة [٢] ، فخرج إليه فتية من الأنصار عوف [٣] ومعوذ ابنا الحارث، وعبد الله بن رواحة، فقالوا: من أنتم؟

قالوا: رهط من الأنصار، فقالوا: ما لنا بكم من حاجة. ثم نادى مناديهم: يا محمد، أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا. فَقَالَ: رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قم يا حمزة، قم يا عبيدة، قم يا علي» فقالوا: أكفاء كرام، فبارز عبيدة- وهو أسن القوم- عتبة بن ربيعة، وبارز حمزة شيبة، وبارز علي الوليد بن عتبة، فقتل حمزة شيبة، وقتل علي الوليد، واختلف عبيدة وعتبة ضربتين، كلاهما أثبت صاحبه، وكر حمزة وعلي بأسيافهما على عتبة فقتلاه، واحتملا عبيدة، فجاءا به إلى أصحابه ( [٤] ، وقد قطعت رجله، فمخها يسيل، فلما أتوا بعبيدة إلى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ألست شهيدا يا رسول الله؟ فقال: «بلى» فقال عبيدة: لو كان أبو طلحة حيا لعلم أني أحق بما قال منه حيث يقول:

ونسلمه حتى نصرع حوله ... ونذهل عن أبنائنا والحلائل

ثم تزاحف الناس، ودنا بعضهم من بعض، وقد أمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصحابه أن لا يحملوا حتى يأمرهم، وقال: «إن اكتنفكم القوم فانضحوهم بالنبل» وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي العريش معه أبو بكر لَيْسَ معه غيره. وذكر ابن إسحاق عن أشياخه: [٥] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدّل صفوف أصحابه يوم بدر


[١] من هنا في ابن هشام ١/ ٦٢٤، والطبري ٢/ ٤٤٥،
[٢] في الأصل: «فدعا إلى البراز» .
[٣] في الأصل: «الأنصار عود» .
[٤] الخبر إلى هنا في ابن هشام.
[٥] الخبر في تاريخ الطبري ٢/ ٤٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>