للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إن فينا إسلاما فابعث معنا نفرا من أصحابك يفقهونا/ ويقرئونا القرآن، ويعلمونا شرائع الإسلام، فبعث صلى الله عليه وسلم معهم عشرة [١] ، منهم: عاصم بن ثابت، ومرثد بن أبي مرثد، وعبد اللَّه بن طارق، وخبيب بن عدي، وزيد بن الدثنة، وخالد بن أبي البكير، ومعتب بن عبيد.

وفيمن أمره عليهم، قولان: أحدهما: مرثد، والآخر عاصم.

فخرجوا حتى إذا كانوا على الرجيع وهو ماء لهذيل، غدروا بالقوم واستصرخوا عليهم هذيلا، فخرجوا بني لحيان فلم يرع القوم إلا الرجال بأيديهم السيوف، فأخذ أصحاب رسول اللَّه صلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السيوف بأيديهم، فقالوا للمشركين: إنا والله ما نريد إلا أن نصيب بكم ثمنا من أهل مكة، ولكم العهد والميثاق ألا نقتلكم.

فأما عاصم، ومرثد، وخالد، ومعتب فقالوا: والله لا نقبل من مشرك عهدا، فقاتلوهم حتى قتلوا.

وأما زيد، وخبيب، وابن طارق فاستأسروا [وأعطوا بأيديهم] وأرادوا رأس عاصم ليبيعوه من سلافة بنت سعد- وكانت نذرت أن تشرب في قحفه الخمر- لأنه قتل ابنيها يوم أحد فحمته الدبر [٢] ، فلم يقدروا عليه، فقال: أمهلوه حتى يمسي فتذهب عنه، فبعث الله الوادي فاحتملته وخرجوا بالنفر الثلاثة، حتى إذا كانوا بمر الظهران انتزع عبد الله بن طارق يده منهم، وأخذ سيفه، واستأخر عنه القوم فرموه بالحجارة حتى قتلوه، فقبره بمر الظهران، وقدموا بخبيب وزيد إلى مكة فابتاع حجير بن أبي أهاب خبيبا لابن أخته عقبة بن الحارث ليقتله بابنه وابتاع صفوان بن أمية زيدا ليقتله بأبيه، فحبسوهما حتى خرجت الأشهر الحرم، ثم أخرجوهما إلى التنعيم فقتلوهما.

وقال قائل لزيد عند قتله: أتحب أنك الآن في أهلك وأن محمدا [عندنا] مكانك، فقال: والله ما أحب أن محمدا يشاك في مكانه بشوكة وإني جالس في أهلي، فقال أبو سفيان: والله ما رأيت من قوم قط أشد حبا لصاحبهم من أصحاب محمد [له] .

أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَقْتِ، قَالَ: / أَخْبَرَنَا ابْنُ طَلْحَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَعْيَنَ، قال: أخبرنا


[١] في الطبري، وابن هشام: «ستة» ، والأصح كما ورد هنا.
[٢] الدبر: الزنابير والنحل.

<<  <  ج: ص:  >  >>