مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْبُخَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ أُسَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَةَ عَيْنًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيَّ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْهَدَّةِ بَيْنَ عَسَفَانَ وَمَكَّةَ، ذَكَرُوا لِحَيٍّ مِنْ هُذَيْلٍ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو لِحْيَانَ، فَنَفَرُوا لَهُمْ بِقَرِيبٍ مِنْ مِائَةِ رَجُلٍ رَامٍ، فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ حَتَّى وَجَدُوا مَأْكَلَهُمُ التَّمْرَ فِي مَنْزِلٍ نَزَلُوهُ، فَقَالُوا: تَمْرُ يَثْرِبَ فَاتَّبِعُوا آثَارَهُمْ، فَلَمَّا أَحَسَّ بِهِمْ عاصم وأصحابه، لجئوا إِلَى مَوْضِعٍ، فَأَحَاطَ بِهِمُ الْقَوْمُ، فَقَالُوا لَهُمْ: انْزِلُوا فَأَعْطُوا بِأَيْدِيكُمْ، وَلَكُمُ الْعَهْدُ وَالْمِيَثاقُ أَنْ لا نَقْتُلَ مِنْكُمْ أَحَدًا، فَقَالَ عَاصِمٌ: أَيُّهَا الْقَوْمُ، أَمَّا أَنَا فَلا أَنْزِلُ فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ، اللَّهمّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَمُوهُمْ بِالنِّبْلِ، فَقَتَلُوا عَاصِمًا فِي سَبْعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَنَزَلَ إِلَيْهِمْ ثَلاثَةُ نَفَرٍ عَلَى الْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ، مِنْهُمْ خُبَيْبٌ، وَزَيْدُ بْنُ الدُّثُنَّةِ، وَرَجُلٌ آخَرُ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ، أَطْلَقُوا أَوْتَارَ قِسِيِّهِمْ، فَرَبَطُوهُمْ بِهَا، فَقَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ: هَذَا أَوَّلُ الْغَدْرِ وَاللَّهِ لا أَصْحَبُكُمْ إِنَّ لي بهؤلاء أسوة يريد الْقَتْلَى، فَجَرُّوهُ وَعَالَجُوهُ فَأَبَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ فَقَتَلُوهُ.
وَانْطَلَقُوا بِخُبَيْبٍ، وَزَيْدٍ حَتَّى بَاعُوهُمَا بِمَكَّةَ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَابْتَاعَ بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَامِرٍ بن نوفل خُبَيْبًا، وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ الَّذِي قَتَلَ الْحَارِثَ بْنَ عَامِرٍ يَوْمَ بَدْرٍ، فَلَبِثَ خُبَيْبٌ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا حَتَّى أَجْمَعُوا عَلَى قَتْلِهِ، فَاسْتَعَارَ مِنْ بعض بنات الحارث موسى يستحدّ بها للقتل فَأَعَارَتْهُ، فَدَرَجَ بُنَيٌّ لَهَا وَهِيَ غَافِلَةٌ حَتَّى أَتَاهُ، فَوَجَدَتْهُ مُجْلِسَهُ عَلَى فَخْذِهِ وَالْمُوسَى بِيَدِهِ، فَفَزِعَتْ فَزْعَةً عَرِفَهَا خُبَيْبٌ، فَقَالَ: أَتَخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ ذَلِكَ، قَالَتْ:
وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَسَيِرًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ، وَاللَّهِ لَقَدْ وَجَدْتُهُ يَوْمًا يَأْكُلُ قَطْفًا مِنْ عِنَبٍ فِي يَدِهِ وَأَنَّهُ لَمُوثَقٌ بِالْحَدِيدِ، وَمَا بِمَكَّةَ مِنْ ثَمَرَةٍ، فَكَانَتْ تَقُولُ: إِنَّهُ لَرِزْقٌ رَزَقَهُ اللَّهُ خُبَيْبًا فَلَمَّا/ خَرَجُوا بِهِ مِنَ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ فِي الْجَبَلِ، قَالَ لَهُمْ خُبَيْبٌ: دَعُونِي أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَتَرَكُوهُ فصلى رَكْعَتَيْنِ، وَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْلا أَنْ تَحْسَبُوا أَنَّ مَا بِي جَزَعٌ. لَزِدْتُ، اللَّهمّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا، وَاقْتُلْهُمْ بَدَدًا، وَلا تُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا، وَقَالَ:
فَلَسْتُ أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا ... عَلَى أَيِّ جَنْبٍ كَانَ فِي اللَّهِ مَصْرَعِي
وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ ... يُبَارِكْ فِي أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute