للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في خندق القادسية، ثم أورده بلادكم، حتى أشغلكم في أنفسكم بأشد مما نالكم من سابور.

ثم/ قال: من أشرفكم؟ فسكت القوم [١] ، فقال عاصم بن عمرو: أنا، فحملنيه، فحمله على عنقه، فأتى به سعدا، فقال: ملكنا الله أرضهم تفاؤلا بأخذ التراب.

وأقام سعد بالقادسية شهرين وشيئا حتى ظفر وعج أهل السواد إلى يزدجرد، وقالوا: إن العرب قد نزلوا القادسية فلم يبقوا على شيء، وأخبروا ما بينهم وبين الفرات، ولم يبق إلا أن يستنزلونا، فإن أبطأ عنا الغياث أعطيناهم بأيدينا [٢] .

فبعث إليهم رستم، وجاء الخبر إلى سعد، فكتب بذلك إلى عمر، وكان من رأي رستم المدافعة والمناهلة، فأبى عليه الملك إلا الخروج، وقال له: إن لم تسر أنت سرت بنفسي، فخرج حتى نزل بساباط، وجمع أداة الحرب، وبعث على مقدمته الجالنوس في أربعين ألفا، وخرج في ستين ألفا، واستعمل على ميمنته الهرمزان، وعلى ميسرته مهران بن بهرام، وعلى ساقته النبدوان في عشرين ألفا ولهم أتباع، فكانوا بأتباعهم أكثر من مائتي ألف.

فلما [٣] فصل رستم من ساباط أخذ له رجل من أصحاب سعد، فقال له: ما جئتم تطلبون؟ قال: جئنا نطلب موعود الله، قال: وما هو؟ قال: أرضكم وأبناؤكم ودماؤكم إن أبيتم أن تسلموا، [قال:] [٤] فإن قتلتم قبل ذلك؟ قال: في موعود الله أن من قتل منا قبل ذلك دخل الجنة، وينجز لمن بقي منا ما قلت لك، فقتله.

ثم خرج حتى نزل ببرس، فغضب أصحابه الناس أموالهم، ووقعوا على النساء، وشربوا الخمور، فقام إلى الناس، فقال: إن الله كان ينصركم على عدوكم لحسن السيرة، وكف الظلم والوفاء بالعهد، فأما إذا تحولتم عن هذه الأعمال فلا أرى الله إلا مغيرا ما بكم.


[١] في الأصل: «فسكتوا» ، والتصحيح من الطبري.
[٢] تاريخ الطبري ٣/ ٥٠٢، ٥٠٣.
[٣] تاريخ الطبري ٣/ ٥٠٧. وفي الأصل: «انفصل» .
[٤] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>