للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخرج [١] فجعلت الشيعة تختلف إلى زيد وتأمره بالخروج، ويقولون: إنا لنرجو أن تكون المنصور، وأن يكون هذا الزمان الذي يهلك فيه بنو أمية، فأقام بالكوفة، وكتب هشام إلى يوسف [٢] : أشخص زيدا إلى بلده فإنه لا يقيم ببلد فيدعو أهله إلا أجابوه، فإنه جدل لسن حلو الكلام، فإن أعاره القوم أسماعهم فحشاها [٣] من لين لفظه مع ما يدلي به من قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلّم- مالوا إليه، فجعل يوسف بن عمر يسأل عنه، فيقال [٤] :

هو هاهنا، فيبعث إليه: أن أشخص، فيقول: نعم، ويعتل بالوجع، ويبلغ يوسف أن الشيعة تختلف إلى زيد، فسأل عنه بعد مدة، فقيل: لم يبرح، وكان قد أقام نحو خمسة عشر شهرا، فبعث إليه يستحثه، وكان يوسف بالحيرة، وإنما كان يكتب إلى عامله بالكوفة، فتهيأ زيد وخرج، فلحقته الشيعة فقالوا: أين تذهب ومعك مائة ألف راجل من أهل الكوفة يضربون دونك بأسيافهم غدا، وليس قبلك من أهل الشام إلا عدة قليلة، لو أن قبيلة من قبائلنا نصبت لهم لكفتهم بإذن الله، فننشدك الله لما رجعت. فلم يزالوا به حتى ردوه إلى الكوفة.

وفي رواية [٥] : أن جماعة من وجوه أهل الكوفة بايعوه حين كان بالكوفة منهم سلمة بن كهيل، ونصر بن خزيمة، وحجية بن الأجلح، ثم إن سلمة أشار على زيد ألا يخرج، فلما رأى ذلك داود بن علي قال له: يا ابن عم، لا يغرنك هؤلاء من نفسك ففي أهل بيتك لك عبرة، وفي خذلان هؤلاء إياهم، فقال: يا داود، إن بني أمية قد عتوا. فلم يزل به داود حتى شخص إلى القادسية، فتبعه أهل الكوفة فقالوا: نحن أربعون ألفا فإن رجعت إلى الكوفة لم يتخلف عنك أحد، وأعطوه المواثيق والأيمان المغلظة، فجعل يقول: إني أخاف أن تخذلوني وتسلموني كفعلكم بأبي وجدي، فيحلفون له فيقول داود بن علي: يا ابن عم، إن هؤلاء يغرونك، أليس قد خذلوا من كان أعز منك عليهم، جدك علي بن أبي طالب رضي الله عنه حتى قتل، والحسن بعده بايعوه [٦] ثم وثبوا


[١] تاريخ الطبري ٧/ ١٦٦.
[٢] في الأصل: «وكتب إلى هشام إلى يوسف» . والتصحيح من ت.
[٣] في الأصل: «فحثاها» ، والتصحيح من ت والطبري ٧/ ١٦٩.
[٤] في ت: «فيقول» .
[٥] الخبر في تاريخ الطبري ٧/ ١٦٨.
[٦] في ت: «بايعوا» .

<<  <  ج: ص:  >  >>