للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هؤلاء ظالمون لكم ولأنفسهم، وإنما ندعوكم [١] إلى كتاب الله وإلى السنن أن تحيى، وإلى البدع أن تطفأ. ففارقوه ونكثوا بيعته وقالوا: سبق الإمام- وكانوا يزعمون أن أبا جعفر محمد بن علي أخا زيد بن علي هو الإمام، وكان قد هلك يومئذ- وكان ابنه جعفر بن محمد حيا، فقالوا: جعفر إمامنا اليوم بعد أبيه وهو أحق بالأمر ولا نتبع زيدا وليس بإمام، فسماهم زيد الرافضة.

ثم استتب لزيد خروجه، فواعد أصحابه ليلة الأربعاء أول ليلة من صفر سنة اثنتين وعشرين، وبلغ يوسف بن عمر، فبعث إلى الحكم بن الصلت وهو يومئذ على الكوفة، فأمره أن يجمع أهل الكوفة في المسجد الأعظم ويحصرهم فيه. فجمع الناس في المسجد يوم الثلاثاء قبل خروج زيد بيوم، وطلب زيد فخرج ليلا، ورفع أصحابه هرادي [٢] النار ونادوا: زيد يا منصور [٣] . وأمر الحكم بن الصلت بدروب السوق فغلقت وأغلقوا أبواب المسجد على أهل الكوفة، وكان جميع من وافى زيدا تلك الليلة مائتي رجل وثمانية عشر رجلا، فقال زيد: سبحان الله، أين الناس؟ فقيل له: هم في المسجد الأعظم محصورون.

فذهب زيد إلى الكناسة، فإذا بها جمع من جموع أهل الشام فهزمهم، ثم خرج إلى الجبانة، وخرج يوسف بن عمر، فنزل على تل قريب من الحيرة ومعه أشراف الناس، ثم عاد زيد فدخل الكوفة فقصد المسجد، فجعل أصحابه يقولون: يا أهل المسجد اخرجوا. واقتتل هو وأهل الشام.

فلما كانت غداة الخميس بعث يوسف بن عمر جندا فلقوا زيدا فاقتتلوا فهزمهم زيد، وقتل من أهل الشام نحوا من سبعين، فانصرفوا وهم بشر حال. ثم عبأهم يوسف بن عمر وسرحهم، فالتقوا بأصحاب زيد فحمل عليهم زيد وأصحابه، فكشفهم وقاتل معاوية بن إسحاق الأنصاري بين يدي زيد، فقتل وثبت زيد حتى إذا جاء الليل رمي


[١] في ت: «وإنكم تدعونهم» . وما أوردناه من ت والطبري.
[٢] في الأصل: «هوادي» . وما أوردناه من ت، والهرادي: قصبات تضم ملوية بطاقات الكرم تحمل عليها قضبانه.
[٣] تاريخ الطبري ٧/ ١٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>