للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نطيق ذلك، معها قائد في ألف فارس من أهل الشام، فدعى مولى له فقال: هلم الجراب، فأتاه بجراب فيه درع عبد الرحمن التي شهد فيها بدرا، فصبها عليه وقال لغلامه: هلم بغلتي، فأتاه ببغلته فركبها، فما تخلف عنه يومئذ قرشي ولا أنصاري حتى إذا أتاه قال: علي بالنار، فأتي بنار فأضرمها فيها، فغضب القائد وهم بالخصومة، فقيل له: هذا قاضي أمير المؤمنين ومعه الناس ولا طاقة لك به، فانصرف راجعا إلى الشام، وشبع عبيد أهل المدينة من الناطق مما استلبوه من حديدها.

فلما بلغ ذلك الوليد كتب إليه: ول القضاء رجلا وأقدم علينا، فولى القضاء رجلا وركب حتى أتى الشام، فأقام ببابه أشهرا لا يؤذن له حتى نفذت نفقته، وأضر به طول المقام، فبينا هو ذا عشية في المسجد إذا هو بفتى في جبة صفراء سكران، فقال [١] : ما هذا؟ قالوا: هذا خال أمير المؤمنين سكران يطوف في المسجد، فقال لمولى له: هلم بالسوط، فأتاه بسوطه، فقال [٢] : علي به، فأتي به فضربه في المسجد ثمانين سوطا، وركب بغلته ومضى راجعا إلى المدينة، فأدخل الفتى على الوليد مجلودا، فقال: من فعل هذا به؟ قالوا: مديني كان في المسجد، فقال: علي به، فلحق على مرحلة، فدخل عليه، فقال أبا إسحاق: ماذا فعلت يا ابن أخيك؟ فقال: يا أمير المؤمنين، إنك وليتنا أمرا من أمورك، وإني رأيت حد الله ضائعا، سكران يطوف في المسجد وفيه الوفود ووجوه الناس، وكرهت أن يرجع الناس عنك بتعطيل الحدود، فأقمت عليه حده، فقال: جزاك الله خيرا، وأمر له بمال وصرفه إلى المدينة ولم يذاكره شيئا من أمر القبة ولا عن فعله فيها.

ولما ظهر من الوليد تهاون بالدين طمع [٣] فيه هشام وأراد خلعه والبيعة لابنه [مسلمة بن هشام فأبى فتنكر له هشام وعمل سرا في البيعة لابنه] [٤] وتمادى الوليد في الشراب فأفرط، فقال له هشام: ويحك يا وليد، ما أدري أعلى الإسلام أنت أم لا، ما تدع شيئا من المنكر إلا أتيته غير متحاش، فكتب إليه الوليد يقول:


[١] في الأصل: «فقالوا» . وما أوردناه من ت
[٢] «هلم بالسوط فأتاه بسوطه فقال» . ساقطة من ت.
[٣] في ت: «ولما ظهر من تهاون الوليد بالدين طمع» .
[٤] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، أوردناه من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>