للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا أيها السائل عن ديننا ... ديني على دين أبي شاكر

نشربها صرفا وممزوجة ... بالسخن أحيانا وبالفاتر [١]

فغضب هشام على ابنه مسلمة، وكان يكنى أبا شاكر، وقال له: يعيرني بك الوليد وأنا أرشحك للخلافة فالزم الأدب واحضر الجماعة، وولاه الموسم سنة تسع عشرة ومائة، فأظهر النسك والوقار، وقسم بمكة والمدينة أموالا، فلما رأى الوليد تقصير هشام في حقه خرج في ناس من خاصته ومواليه، فنزل بالأزرق من أرض بلقين وفزارة على ماء يقال له الأغدق [٢] ، وخلف كاتبه عياض بن مسلم وقال له: اكتب إلي ما يحدث قبلكم، فقطع هشام ما كان يجري على الوليد، وضرب عياضا ضربا مبرحا، فلم يزل الوليد مقيما بتلك البرية حتى مات هشام، ووصلت إليه الخلافة، فسأل عن كاتبه عياض، فقيل: يا أمير المؤمنين لم يزل محبوسا، حتى نزل أمر الله بهشام، فلما صار في حد لا ترجى الحياة لمثله أرسل عياض إلى الخزان احتفظوا بما في أيديكم، ولا يصلن أحد منه إلى شيء، فأفاق هشام إفاقة، فطلب شيئا فمنعوه، فقال: أرانا كنا خزانا للوليد، ثم مات من ساعته.

فخرج عياض من السجن، فختم أبواب الخزائن، وأمر بهشام فأنزل عن فرشه، فما وجدوا قمقما يسخن له فيه الماء حتى استعاروه، ولا وجدوا كفنا من الخزائن، وكفنه غالب مولى هشام.

فولي الوليد الخلافة يوم السبت في شهر ربيع الآخر سنة خمس وعشرين ومائة.

هذا قول هشام بن محمد.

وقال الواقدي: استخلف يوم الأربعاء لست خلون من ربيع الآخر، ولما ولي الوليد ويكنى أبا العباس وكانت أمه يقال لها أم الحجاج بنت محمد بن يوسف بن الحكم أخي الحجاج بن يوسف- وكان أبيض أحمر أعين جميلا، قد شاب، طويل أصابع الرجلين يوتر له سكة حديد فيها خيط، ويشد الخيط في رجله ثم يثب على الدابة


[١] في الأغاني ٧/ ٨: وقال: «بل قال ذلك عبد الصمد بن عبد الأعلى ونحلة إياه» .
[٢] كذا في الأصلين، وفي الطبري ٧/ ٢١١: «الأغدف» .

<<  <  ج: ص:  >  >>