للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الله تعالى، ولا ثواب عندنا لمن آثرنا عليه» . وظفر ببردة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فابتاعها بأربعة آلاف دينار، ولم يرو إلا حديثا واحدا، وكان نقش خاتمه: «الله ثقة عبد الله» .

وكان وزيره أبو الجهم عطية بن حبيب. وقال أبو بكر الصولي: أول من وزر لبني العباس أبو سلمة حفص بن سليمان الخلال، ثم خالد بن برمك.

فصل: ولما ولي الخلافة [١] خرج يوم الجمعة فصلى بالناس ثم قال في خطبته: الحمد للَّه الّذي اصطفى الإسلام لنفسه، وكرمه، وشرفه، وعظمه، واختاره لنا وأيّده، وجعلنا أهله وكهفه وحصنه والقوام به، والذابين عنه، والناصرين له، وخصنا برحم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنبتنا من شجرته، واشتقنا من نبعته، وأنزل بذلك كتابا، فقال فيه: (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ في الْقُرْبى) ٤٢: ٢٣ [٢] . فلما قبض الله رسوله قام بذلك الأمر أصحابه، وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ، فعدلوا وخرجوا خماصا، ثم وثب بنو حرب ومروان، فابتزوها وتداولوها، فاستأثروا بها، وظلموا أهلها، فأملى الله لهم حينا فلما أسفوه انتقم الله منهم بأيدينا، ورد علينا حقنا، وأنا السفاح المبيح، والثائر المبير [٣] .

وكان موعوكا فاشتد عليه الوعك، فجلس على المنبر وتكلم فقال:

إنا والله ما خرجنا لنكثر لجينا ولا عقيانا، ولا نحفر نهرا، وإنما أخرجتنا [٤] الأنفة من ابتزازهم لحقنا. ولقد كانت أموركم ترمضنا، لكم ذمة الله عز وجل، وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم، وذمة العباس أن نحكم فيكم بما أنزل الله، ونعمل بكتاب الله، ونسير فيكم بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، واعلموا أن هذا الأمر فينا ليس بخارج منا حتى نسلمه إلى عيسى ابن مريم.

ثم نزل أبو العباس وداود أمامه حتى دخل القصر، فأجلس أبا جعفر وأخذ البيعة على الناس في المسجد، وأعظم التدبير أبو سلمة حفص بن سليمان، ولقب بالوزارة، وهو أول من سمي بها، وكتب إليه أبو مسلم: للأمير أبي سلمة، وزير آل محمد من عبد الرحمن أبي مسلم أمير آل محمد.


[١] تاريخ الطبري ٧/ ٤٢٥.
[٢] سورة: الشورى، الآية: ٢٣.
[٣] في الأصل: «المثر» . وما أوردناه من ت.
[٤] في الطبري: «أخرجنا» .

<<  <  ج: ص:  >  >>