للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم استعمل السفاح على الكوفة عمه داود بن علي، وعلى واسط أخاه جعفر وحضره جماعة من أهل بيته، فذكروا جمع المال، فقال عبد الله بن حسن: سمعت بألف ألف درهم وما رأيتها مجتمعة، فقال أبو العباس: فأنا أصلك بها حتى تراها مجتمعة، فلما قبض المال استأذنه في الخروج إلى المدينة، فأذن له ودفع إليه مالا ليقسمه على بني هاشم بالمدينة، فلما قسمه أخذوا يشكرون أبا العباس، فقال عبد الله: هؤلاء أحمق الناس، يشكرون من أعطاهم بعض حقهم. فبلغه ذلك فأخبر أهله، فقالوا: أدبه، فقال: من شدد أنفر، ومن تراخى ألف، والعفو أقرب للتقوى، والتغافل من فعل الكرام [١] .

أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد، قال: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن عَلِي الخطيب، قال: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عمر بْن روح، قَالَ: أَخْبَرَنَا المعافى بْن زكريا، قَالَ:

حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يحيى الصولي، قَالَ: حَدَّثَنَا القاسم بْن إسماعيل، قَالَ: حدثنا أحمد بن سعيد بن سلم الباهلي، عن أبيه، قال [٢] :

حدثني من حضر مجلس السفاح وهو أحشد ما كان ببني هاشم والشيعة ووجوه الناس، فدخل عبد الله بن حسن بن حسن ومعه مصحف، فقال: يا أمير المؤمنين:

أعطنا حقنا الذي جعله الله لنا في هذا المصحف، قال: فأشفق الناس [من] [٣] أن يعجل السفاح بشيء إليه، ولا يريدون ذلك في شيخ بني هاشم في وقته أو يعي بجوابه فيكون ذلك عارا عليه. قال: فأقبل عليه غير مغضب ولا مزعج، فقال: إن جدك عليا- وكان خيرا مني وأعدل- ولي هذا الأمر فما أعطى جديك الحسن والحسين- وكانا خيرا منك- شيئا، وكان الواجب أن أعطيك مثله، فإن كنت فعلت فقد أنصفتك، وإن كنت زدتك فما هذا جزائي منك، قال: فما رد عبد الله جوابا، وانصرف الناس يعجبون من جوابه له.

وكتب أبو العباس إلى خاله زياد بن عبد الله، وكان عامله على المدينة: قربني من رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ جيرانه، وإكرام أهل بيته، ولا تسلط هواك فيما وجب


[١] «والتغافل من فعل الكرام» . ساقط من ت.
[٢] في الأصل: «بن سالم الباهلي» . والتصحيح من تاريخ بغداد. والخبر في تاريخ بغداد ١٠/ ٤٨.
[٣] ما بين المعقوفتين: من تاريخ بغداد.

<<  <  ج: ص:  >  >>